الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أثبت جدارتي لأفرض احترامي على الذين يسخرون مني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسأل الله أن يجزيكم على جهودكم المبذولة خير الجزاء.

عمري 22 سنة، طالب بكلية الطب البشري، سأحاول أن أختصر، أنا لم أذهب لطبيب لصعوبة هذا الأمر، غير أني اكتشفت أن لدي أعراض متلازمة كلاينفلتر من ضعف وقلة شعر اليدين والصدر، واتساع في الحوض بشكل ملحوظ، والعلامة التأكيدية الواضحة هي صغر حجم الخصية، وليس كيس الصفن، وشعر الوجه ضعيف جدًا وغير مكتمل، حتى أني حاولت أن أتركه بدون حلق، لعلمي بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمر بإعفاء اللحية، واستمر الإعفاء حوالي 6 شهور، لم يزد عن منطقة السالف، ودائرتين من الشعر عند الذقن، حتى أصبحت محطًا للاستهزاء والسخرية بين زملاء الدفعة، وطلبة الكلية بشكل عام.

حاولت أن أصبر على الأذى، غير أن حالتي النفسية ساءت، وكرهت الخروج والاختلاط، فأخذت بأقل حكم، وهو تخفيفها دون قصها، لكني أصبحت لا أطيق وضعي.

كما أن لدي ضعفًا في العضلات منذ الصغر مقارنة بأقراني، وتعب سريع، كما أن لدي صعوبة في الكلام بحيث أني لا أستطيع مواكبة الحديث، وأتجنب النقاش، صوتي ضعيف، لا يوافق كلامي، ولهذا أحاول دائمًا أن أغلظ صوتي، وطريقة كلامي، لكن صوتي غير خشن، ولا جهوري، ولدي صعوبة في تأليف الكلام، وليس لدي أسلوب.

هذه الأعراض يمكن بسبب طبيعة منزلنا الهادئ قليل الكلام، أهلي يقولون إني بدأت الكلام متأخرًا، ولدي صعوبة في المشي، أي كثير السقوط في صغري.

آخر سنتين تناقص وزني بشكل تدريجي من 86 كجم إلى 65 كجم بدون تخطيط، سوى محاولات لتقليل كمية الأكل، لكن دون حمية، ولهذا مظهر الضعف كان واضحًا علي، كنت أحسبها بسبب كثرة المشي إلى المسجد، لكن لا أظن ذلك، وبالرغم من تناقص وزني إلا أن لدي بروزًا بسيطًا في الصدر، كنت أحسبه من السمنة، دائمًا ما أكره المخنثين والشواذ، وأعبر عن غضبي منهم، لكن أجد نفسي في مثل هذا الوضع كارهًا لنفسي، ولكني لست منهم.

كل ما أريده منكم الأخذ بيدي، ونصحي ببعض القواعد التي يجب علي اتباعها للتعايش مع هذا المرض، أعلم أنه ابتلاء عظيم، وأن كل مؤمن مبتلى، وأنه يجب علي الصبر، لكن لا أدري كيف أتعايش مع هذه الحالة، ولم تظهر علي الأعراض حتى التزمت، وكأن ربي ابتلاني بعد إيماني، وحتى يكون تفكيري ناضجًا.

كما أنني الابن الأكبر، ودائما أتعامل مع أهلي بأني المسؤول الثاني بعد أبي لقضاء مصالحهم.

أتمنى منكم نصحي عن الكلية، وحياتي الاجتماعية، وعلاقتي مع ربي، والتعامل مع نفسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أخي الفاضل- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك سؤالك هذا بكل هذه التفاصيل.

أخي الفاضل: تسألُ في سؤالك عن توجيه نُصح لك في كيف تتكيّف وتعيش مع هذا المرض؟
أخي الفاضل: نعم ربما عندك بعض أعراض متلازمة كلاينفلتر (Klinefelter's syndrome)، إلَّا أن التشخيص لا يمكن أن يتمّ إلَّا عن طريق فحص الكروموزومات (Chromosome) كما تعلم، فمتلازمة كلاينفلتر - كما تعرف - عبارة عن كروموزوم جنسي زائد عند الذكور، فبدل أن يكون (XY) يكون (YXX)، والـ (X) زيادة، وبالتالي يمكن أن يُفسّر الأعراض المعروفة عند متلازمة كلاينفلتر.

فحتى تعرف كيف تتكيّف مع هذا المرض يجب علينا أولاً أن نؤكد هذا المرض عن طريق فحص الكروموزمات، وفحصه - كما تعلم - بسيط جدًّا عن طريق أخذ مسحة من الفم، فأرجو أولاً أن تأخذ موعدًا عند الطبيب، سيحترم وجهة نظرك، وخاصة أنك طالب في كلية الطب البشري، تقول له أنك تشك أن عندك كلاينفلتر، ثم يُؤكد هذا التشخيص أو ينفيه، ثم بعد ذلك نتحدث عن أمور أخرى؛ لأنه إن ثبت التشخيص فهناك إجراءات - كما تعلم - وإن لم يثبت التشخيص، فمعنى هذا أنك معافىً منه، وإن كانت عندك بعض الصفات - صفات الطول أو اليدين أو الصدر أو الشعر أو غيرها -.

أخي الفاضل: هذا كله في جانب، والجانب الآخر يتعلق بموقفك أو طبيعتك الاجتماعية، واحتكاك الناس بك، واحتكاكك بهم، معك حق في أن كثيرًا من المجتمعات، بل كل المجتمعات ربما لا تتقبّل الشخص المختلف عنهم بكل سهولة، ولكن يمكنك من خلال جدارتك، ومن خلال ثقتك بنفسك أن تفرض احترامك على الآخرين بمنتهى اللطف، ولكن فقط من خلال أنك مستعدٌّ لتقف على قدميك، وتواجه الناس بكل احترامٍ وثقةٍ بنفسٍ، فعند ذلك يمكن للناس أن يُعاملوك بالطريقة التي تتمنى والتي تُحب.

فإذًا -أخي الفاضل- لتستطيع أن تتعايش مع هذا المرض، يجب أن نؤكد وجود هذا المرض أو عدم وجوده، مع احترامي لك كزميل طالب وممارس طب بعد سنوات بإذن الله - لا أدري أنت في أي سنة، في كلية الطب - ولكنك بعد فترة ربما قصيرة تكون زميلاً لنا في مجال الطب البشري، نفع الله بك، وجعلك من المتفوقين في دراستك، لتكون طبيبًا ناجحًا -بإذن الله سبحانه وتعالى-، وأرجو ألَّا تنسانا من دعوة صالحة في ظهر الغيب.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً