الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشاكلي العائلة ألقت بظلالها على حالتي النفسية، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري٢٠ عامًا، منذ سنوات وأنا أعاني من تقلبات المزاج، وتعب نفسي شبه دائم، وتعرضت كثيرًا لمعاملة غير حسنة من قِبَل أبي وأخواتي، وما زلت أتعرض، مثل: عدم الثقة، والتشكيك، وعدم التعامل بحنان، حتى أنني لا أتذكر متى آخر مرة احتضنني أبي فيها؟ هل هي منذ 12 أو 13 سنة؟ والكثير من المواقف والكلمات السيئة من أهلي.

أنا إنسانة كتومة، ولا أحكي لأحد شيئًا أبدًا، أكتم كل شيء بداخلي وأصمت.

وأنا على هذه الحالة منذ ٤ سنوات تقريبًا، وقد وصلت لمرحلة كنت لا أتمنى أن أصل إليها، حيث أصبحت لا أحب الحياة، ولا أجيد كيفية التعامل مع الناس؟ وأغلب علاقاتي معهم تدمرت (إن لم تكن كلها).

أصبحت لا أستمتع بالأنشطة التي أفعلها، وتوقفت عن فعلها، وأصبحت لا أشعر بحبي للناس من حولي، حتى والديّ وأخواتي، أخاف من أبي جدًا لعصبيته الشديدة على أبسط الأشياء، وأشعر دائمًا أنه لا يحبني أنا وأخواتي، وهو قد نطق فعلاً بكلمات تدل على ذلك.

كما أني لم أعد أشعر بأني سعيدة أو حزينة، وليست لدي مشاعر معينة، وأعاني من القلق الكثير ناحية أشياء كثيرة، وخوف شديد، وأصبح تركيزي ضعيفًا، وتحصيلي الدراسي تأخر كثيرًا؛ لأني صرت أستوعب بصعوبة، وأنسى كثيرًا، وأصبح كل شيء بالنسبة لي غير مهم، ولا أبالي بشيء.

أصبحت لا أحب الحياة، وأشعر دائمًا بالسلبية والإحباط، ثقتي بنفسي انعدمت، وأصبحت لا أحب نفسي، وأرى دائمًا أنه لا أحد يحبني، وقد بحثت كثيرًا عن تشخيص لحالتي فلم أجد، فما هو تشخيص حالتي؟ ومم أعاني؟ وهل هناك أمل في أن تتحسن حالتي؟

علمًا بأني أعاني من نقص في فيتامين "د" (النسبة لدي ٤ ونصف).

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك –بُنيّتي الكريمة– عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك كتابتك إلينا بهذا السؤال الواضح والمرتب والدقيق، ودعيني أطمئنك بأنه: لا شك -بإذن الله سبحانه وتعالى- أنك ستخرجين من هذه الحالة النفسية التي وصفتها في سؤالك هذا؛ فرحمة الله واسعة، و(ما أنزل الله من داء إلَّا وأنزل له شفاء).

بُنيّتي: هناك احتمالان لما تعانين منه:

الأول: أنك تعانين من ردة فعلٍ نفسية وعاطفية لهذه المعاملة التي وصفتها في سؤالك، والتي يغلب عليها الجفاء العاطفي النفسي، وربما وصلت إلى سوء المعاملة، فأنت متأثّرة بكل هذا، وواضح من سؤالك أن طبيعة شخصيتك أنك متفائلة، ومُحبّة للحياة، إلَّا أن الأمور لم تكن كما يجب أن تكون.

الثاني: أنك تعانين من اكتئاب نفسي بسبب ما تعرّضت له من معاملة خلال السنوات الطويلة منذ طفولتك، فلذلك عندك الآن العديد من أعراض الاكتئاب النفسي، ولا شك أن الاحتمال الأول والثاني متعلقان ببعضهما، والمهم ما هو السبيل الآن؟

أمامك عدة احتمالات:
الأول: أن تراجعي عيادة للطب النفسي ليقوم الطبيب النفسي بفحص الحالة النفسية، وتأكيد التشخيص، هل هو مجرد ردة فعل نفسية عاطفية لما مررت به، أم هو الاكتئاب النفسي؟ وحيال هذا أمامك عدة خيارات، منها: العلاج الدوائي بأحد مضادات الاكتئاب، وعلى فكرة: مضادات الاكتئاب لا تُسبب الاعتياد أو الإدمان.

الثاني: جلسات للعلاج النفسي، ومنه العلاج المعرفي السلوكي، والذي يقوم على تقصّي الأفكار السلبية نتيجة الظروف التي عشتها وتجارب الحياة، واستبدالها بأفكارٍ إيجابية، تجعلك أكثر رغبة في الإقبال على الحياة، وبمزاجٍ أفضل.

ولا ننسى أن نقص فيتامين (د) له تأثير أيضًا على الحالة المزاجية للإنسان، لذلك أقول أولاً: اعملي على تصحيح مستوى فيتامين (د) في جسمك، ومن ثم الأمور الأخرى.

احتمال آخر -لو رغبت-: طالما أنك طالبة، وأعتقد أنك في الجامعة، فيمكنك أن تتحدثي مع الأخصائية النفسية الموجودة في الجامعة؛ فمعظم الجامعات فيها قسم للإرشاد النفسي الطلّابي، فربما تكون لديها بعض التوجيهات المفيدة.

أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك، وييسر أمرك، ويجعلك في حالة مزاجية أفضل، لتتابعي دراستك بهمّة ونجاح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً