الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدعو على نفسي بسبب تمني عائلتي موتي بدل توأمي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا فتاة بعمر 19 سنة، حملت بي أمي مع أخي التوأم، وعند الولادة توفي، وقبل أيام أخبرتني أمي أنه يوم مات كل العائلة وكل المعارف تمنوا موتي بدل أخي، وبأنه ليس لي فائدة، حزنت ودخلت بحالة نفسية غير جيدة بتاتاً، لدرجة أني كل دقيقة أبكي، وليس فقط بسبب قصة التوأم، حتى مع أحاديث أمي ودعواتها، تقول لي: أنت بلا فائدة.

لذلك أصبحت أدعو الله أن يأخذني، فهل يجوز دعاء الله بأخذي عنده وأموت؟ وهل يجوز قطع علاقتي مع العائلة لأن أفرادها يسببون لي حالة نفسيةً غير جيدة، كلما تحدثت معهم؟

القصة هذه كانت فاصلة، فصرت لا أتحمل كرهاً موجهاً إلي، وصرت لا أتحمل مجالستهم، فهل يجوز لي أن أقول: حسبي لله ونعم الوكيل في من ظلمني، حتى لو على أقرب قريب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نريمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، وبخصوص ما ذكرت فاعلمي ما يلي:

أولاً: بعض الفتيات والشباب قد يتعرضون لمثل هذا الكلام (ما منك نفع، يا ليتك وأنت صغير كنت مت- لو كان غيرك كان أفضل) وبعض هذا الكلام موجه من الأبوين أو أحدهما، هذا أمر موجود للأسف، وهو خطأ لا نقر عليه، ولكنه موجود بحكم العادة أو بحكم النشأة أو بحكم البيئة، ويظهر عند الغضب.

ثانياً: ما ذكرته الوالدة لك من كلام كان سيقال لأخيك -رحمه الله- لو كانت الآية معكوسة، وما سمعته من الوالدة هو الذي أثر فيك وجعلك تجمعين كل أقوالها، وتجعلينها في كفة واحدة، حتى خرجت معك بتلك النفسية.

ثالثاً: الدعاء على نفسك لا يجوز، وهو محرم قطعاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تدعوا على ‏أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا ‏توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجاب لكم) وعليه فلا يجوز الدعاء على النفس بالهلكة أو غيرها، خصوصاً إذا كان ذلك على سبيل التسخط وإظهار ‏الجزع، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به).

رابعاً: ثقي -يا أختنا- أن أهلك يحبونك حباً عظيماً، لا تتعجبي من كلامنا، فتلك فطرة الله التي فطرهم عليها. بالطبع قد أخطأ من قال ذلك لك؟ لكنه حتماً لا يقصد، فلا تجعلي الشيطان يسيطر عليك، ولا تربطي أحداثاً بأحداث، وفرقي بين الخطأ السلوكي التربوي والمحبة القلبية.

خامساً: الله الذي خلقك أمر بالبر، ونهاك عن العقوق، فاحذري عقوقهما أو الدعاء عليهما، فما على وجه الأرض أحد يحبك مثلهما، ولا على ظهر الأرض أحد يتمنى لك الخير أكثر منهما، ولكن كما قلنا: قد يخطئ الشخص في التعبير، أو أن هذه الكلمات قد اعتادها ذلك المجتمع، فتقال عند أي غضب.

سادساً: تقربي من والدتك، واعلمي منها ما يغضبها منك، اقتربي منها فالعمر قصير، وهي اليوم معك، وغداً الله أعلم بالحال، فاحرصي على برها قدر ما تستطيعين، فالحزن على فراق الوالدين لا يعوض، وسلي كل فتاة ماتت أمها تنبيك بالخبر، اجتهدي أن تغيري من نظرتك لأمك، وتعمدي المكوث بجوارها، وإعانتها في أعمالها والحديث معها، فإن هذا هو النعيم الحق -أختنا-.

نسأل الله أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً