الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بضيق الرزق رغم محافظتي على عباداتي، فما السبب؟

السؤال

السلام عليكم

يا شيوخنا، كنت أعمل، وكان الله ميسراً لي حالي، وفجأة طردت من عملي، وأصبحت بدون عمل، وصار لي الآن شهران لا أعمل، ولا أجد عملاً.

أصبت أكثر من مرة بالتعب الشديد، وأنا شخص أصلي، ولا أؤذي أحداً، وأخاف الله، والجميع يحبني، وعلاقتي بالله جيدة، فما سبب كل ذلك؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أخي الفاضل- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

أخي العزيز، ينبغي أن تعلم أن الأيام لا تستقر على حال، وأن دوام الحال من المحال، وأن حياة الإنسان لا يدوم فيها الرخاء ولا الشدة، فحال المسلم يتقلب بين السراء والضراء، وعليك أن تدرك ذلك وأنت في مقتبل العمر، ومعترك الحياة.

اعلم -أخي- وفقك الله – أن تقلب الأيام والأحداث يُكسب الإنسان خبرة، ويزيده تعلَّماً وقوةً في مواجهة الشدائد، وفهم الحياة، كما يجعله أكثر حرصاً على طاعة الله وقرباً منه، كذلك يعلمه اجتناب كل أسباب السقوط أو الفشل، وفي ذلك تربية وتهذيب للنفس.

قال تعالى: ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)، وكل هذا من البلاء والامتحان لقلب المؤمن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له)، المؤمن أمام الشدائد صابر شاكر لله تعالى، حامد لقضائه وتدبيره، محاسب لنفسه لا لربه، يلوم نفسه على تقصيرها أو تفريطها، ويجتهد في إصلاحها.

اعلم -أخي الفاضل- أن الشخص حتى وإن كان صالحاً تقياً فإن الله تعالى قد يبتليه لحكمة لا يدركها الإنسان، ففي الحديث الصحيح (أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتد به بلاؤه، وإن كان في دينه رقةً ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة) والبلاء له مقاصد كثيرة، منها: تكفير الخطايا، ومحو السيئات، وأيضاً رفع الدرجات، وزيادة الحسنات، وأيضاً لتمحيص المؤمنين، وتمييزهم عن المنافقين، وتارة يعاقب المؤمن بالبلاء على بعض الذنوب ليدفعه ذلك للاستغفار والتوبة، ومحو الذنب، فليس كل بلاء دليلاً على سخط الله على العبد.

لذلك -أخي الفاضل- ننصحك أن تجعل صلتك بالله قوية، فتكثر من الصلاة والذكر والأعمال الصالحة، خصوصاً الاستغفار والتوبة، فقد قال تعالى: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً * يرسل السماء عليكم مدراراً * ويمدكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً).

ثم نوصيك -أخي الفاضل- بالاجتهاد في أبواب الرزق وأسبابه المختلفة، فلا تعلم لعل الله يجعل رزقك في باب مختلف عما كنت عليه، أو مجال أفضل مما كنت فيه، فلا تعلم الحكمة التي يخفيها الله عنك، قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون).

فعليك بتنويع البحث عن أسباب الرزق، وتنمية مهاراتك التي تفتح لك أبواب الفرص الكثيرة، والمجالات المختلفة.

نوصيك بالدعاء والضراعة إلى الله تعالى، فلا يدفع القدر إلا الدعاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يزيد في العمر إلا البر، ولا يرد القدر إلا الدعاء، وإن الرجل ليحرم الرزق بخطيئة يعملها، وفي لفظ: بالذنب يصيبه) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.

أسأل الله لك التوفيق والسداد والعون والرشاد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً