الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أكره حياتي ولا أرغب بالاستمرار فيها، فماذا أفعل؟

السؤال

أشعر دائماً بمشكلة مع وجودي، فأنا لا أحافظ على كل صلاة في مواعيدها، ولا تلاوة القرآن.

أنا إنسان طبيعي، ولكن فكرة أني خُلقت وسأحاسب، لا أرغب في ذلك، أنا أكره وجودي، وسمعت شيخاً في الخطبة يقول: إنه لا يجب أن نتمنى الموت، وإن كنا نري الحياة ثقيلة، ماذا سنفعل بعد ذلك في الآخرة؟ وإن الكفار يتمنون أن يرجعوا يومًا للدنيا -التي أظن أني أهدرها- ليغيروا عملهم، فانهرت باكياً.

لا أعرف لماذا لا أتمنى الموت؟ فأنا لا أتمنى الاستمرار في الحياة، أشعر دائماً برغبة في النوم، وعدم القيام من السرير، وأشعر أن الحياة ثقيلة على قلبي، لا أستطيع التعبير بدرجة كافية، لكن هذه مشكلتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمنية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – بنتنا الفاضلة – في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، وهذا التواصل يدلُّ على أنك مواكبة للواقع، وعلى أنك تتابعين، فمرحبًا بك في موقعك، ونحب أن نقول لك إن لك شأناً، فأنت مسلمة، وقد خصك الله تعالى بأن جعلك مسلمة ولأبوين مسلمين، نسأل الله لك التوفيق والسداد.

لا شك أن تمني الموت غير مقبول من الناحية الشرعية، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لضر نَزَل به، ‌إِمَّا ‌مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَزْدَادَ خَيْرًا، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَ)، وقال: (‌لَا ‌يَتَمَنَّيَنَّ ‌أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي).

أيضًا ينبغي أن تعلمي أن خير الناس (‌مَنْ ‌طَالَ ‌عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ)، وطول العمر له فوائد كبيرة، لأن المقصّر يجد فرصة ليتوب، والتائب والمُطيع لله يزداد طاعة لله تبارك وتعالى.

هذا الكلام الذي ذكره الشيخ صحيح، والإنسان ينبغي أن يتمنّى أن يُطيل الله عمره في طاعته، كما قلنا: (‌خيرُكم ‌مَنْ ‌طالَ عُمُره، وحَسُنَ عملُهُ)، واعلمي أن الأمر يسير، فبالإخلاص لله -تبارك وتعالى- يكفي القليل من العمل، لأن الله يقول :{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود: 7]، فالعبرة بحسن العمل، وحسن العمل هو أن يكون خالصًا لله، وأن يكون على هدى وخطى النبي عليه صلاة الله وسلامه.

عليك أن تُدركي أولاً أن الله وهبك هبات وملكات، أرجو أن تحرصي على اكتشافها، وشُكر الله تبارك وتعالى عليها، ثم عليك أن تستخدمي ما وهبك الله به من القدرات والملكات في طاعة الله، ومَن كتبتْ هذه الأسطر تستطيع أن تفعل الكثير، وهذا دليل على أنك تعلمت، فالعبارات جميلة وصحيحة، والكلام مرتب.

نسأل الله أن يُعينك على الخير، وتعوذي بالله من العجز والكسل، فإن العجز نقصٌ في التخطيط والكسل نقص في التنفيذ، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والثبات، وأنت تستطيعين أن تُعبري، وهذا التعبير واضح ودليل على أنك تستطيعين -إن شاء الله- أن تتقدّمي في هذه الحياة، فاستعيني بالله وتوكلي عليه، وضعي لنفسك أهدافاً تسيرين عليها وإليها، وكوني بجوار الصالحات حتى تنتفعي وتنفعي، فإن الإنسان من حُسن توفيق الله له أن تكون الفتاة لها صديقة صالحة تُذكّرها بالله إذا نسيت، وتُعينها على طاعة الله إن ذكرتْ.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً