الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

غارقة في دوامة الخوف من الأمراض وخصوصاً السرطان!

السؤال

السلام عليكم.

منذ سنة تقريبًا أصبحت أخاف جدًا من الأمراض، وخصوصًا السرطانات، وقد كنت أعاني من القولون العصبي، وذهبت لأكثر من دكتور، ولم يصفوا لي أي دواء.

ثم بعد فترة ظهرت لدي حبوب، إحداها كانت بقرب حبة الخال، وبعد أن جرحت الحبة لاحظت بأن حبة الخال صارت أوضح من ذي قبل، ثم بعد ذلك الأمر بدأ لدي الخوف من سرطان الجلد، وصرت أتفحص الحبة كثيرًا، وأشعر بحكة في وجهي، وكلما توترت احمر وجهي، وارتفعت نبضات قلبي، وصرت بعدها أبحث في الإنترنت لساعات طويلة.

حتى ابنتي بدأت أخاف عليها، ودائمًا ما أتفحص جسمها.

ساعدوني أرجوكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رجاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يحفظك، ويحفظنا، ويحفظ الجميع من كل داء.

قلق المخاوف منتشر جدًّا، وخاصةً الخوف من الأمراض -وعلى وجه الخصوص أمراض السرطانات-؛ فهي قد كثرت، وكثرت أيضًا وسائل اكتشافها.

وبما أن لديك القولون العصبي فيما مضى، فهذا يعني أن لديك في الأصل نوعاً من القلق أو العُصاب؛ لأن القولون العصبي يأتي دائمًا للذين يُعانون من التوتر والعُصابية، والاسم الصحيح له هو (القولون العُصابي).

إذًا الاستعداد متوفر -وهو الاستعداد للمخاوف-، وبعد ذلك تأتي الظروف البيئية، والحديث الآن قد كثر عن الأمراض، وخاصةً مرض السرطان، وما يُثارُ كثيرًا في الوسائل الإعلامية، ووسائل التواصل الاجتماعي، وكثر موت الفجأة، وهذه كلها حقيقةً تؤدي إلى توليد مخاوف من الأمراض، ولكن الإنسان يجب أن يكون متيقِّنًا أن أجل الله إذا جاء لا يُؤخر، وأن أي مرض لا ينقص من عمره، ولا يعجّل بموته، وأن ما أصابه لم يُكن ليُخطئه، وما أخطأه لم يكن ليُصيبه، هذا هو الذي نؤمن به.

فعيشي حياتك بصورة طبيعية، وساعدي نفسك من خلال الحياة الصحيّة؛ لأن الحياة الصحية تُقلّل جدًّا من المخاوف المرضية، والحياة الصحية أقصد بها: أن تهتمّي بغذائك، وأن تتجنّبي السهر، وأن تكون لك أنشطة رياضية تناسب المرأة المسلمة، وأن تحرصي على التواصل الاجتماعي -فهذا مهمٌّ جدًّا–، وأن تقومي بواجباتك الأسرية والمنزلية والشخصية على أفضل ما يكون، وكذلك واجباتك الدينية، وخاصةً الصلاة على وقتها، وهذه الحياة الصحيّة قطعًا تدعم الإنسان كثيرًا ليتحكّم في مخاوفه.

وفي مثل عمرك أدعو لأن تقومي بالفحص الطبي الروتيني الدوري، مرةً كل ستة أشهر؛ لتتأكدي مثلاً: من قوة الدم لديك (الهيموجلوبين Haemoglobin)، ومستوى وظائف الكبد، ووظائف الكلى، ووظائف الغدة الدرقية، ومستوى السكر، ومستوى فيتامين (د)، ومستوى فيتامين (ب12)، وهذه الأمور كلها متطلبات فحصية، وهي بسيطة جدًّا، ومتاحة، وغير مكلّفة.

والإنسان حين يجد فحوصاته طيبةً وجميلةً فإن هذا قطعًا سيؤدي إلى إضافة إيجابية بالنسبة إلى طريقة تفكيره حول الأمراض، فاحرصي على ذلك.

إذًا الحياة الصحية، والفحص الدوري، وقبل ذلك التوكل على الله، واستحضار قوله تعالى: {قل لن يُصيبنا إلَّا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون}، ثم الأخذ بأسباب الشفاء والعلاج، هي مانعات من الخوف من الأمراض.

هذه هي نصيحتي لك، وحتى نقضي تمامًا على هذه المخاوف، سوف أصف لك أحد الأدوية الجيدة جدًّا، والمضادة لقلق المخاوف، وهو دواء يعرف باسم (سيبرالكس Cipralex) هذا اسمه التجاري، ويُسمّى علميًا (اسيتالوبرام Escitalopram).

هناك من السيبرالكس منتج تحتوي فيه الحبة الواحدة على عشرة مليجرامات، ومنتج آخر تحتوي فيه الحبة على عشرين مليجرام، ابدئي بتناول نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات –أي تبدئين بتناول خمسة مليجرام– يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى عشرة مليجرامات يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعليها عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، وهذه هي الجرعة العلاجية، وبعد ذلك خفضيها إلى عشرة مليجرامات يوميًا لمدة شهرين، ثم خمسة مليجرامات يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرامات يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الاسيتالوبرام.

لا شك أنه دواء رائع، ودواء نقي، ودواء مفيد، وغير إدماني، ولا يضرُّ بالهرمونات النسائية أبدًا.

إذًا -إن شاء الله تعالى- أنت بخير، ونسأل الله تعالى أن يكتب لك الشفاء والعافية، وخذي بالأسباب، وطبقي ما ذكرتُه لك من إرشاد، وتناولي الدواء كما وُصف لك، ونسأل الله لك العافية في الدنيا والآخرة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً