الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدمنت الإباحيات والعادة السرية حتى تشتتت أفكاري، أنقذوني

السؤال

لقد بدأت العادة السرية والإباحية في عمر صغير جداً، من عمر 11 سنة، ولم أكن واعياً، وأصبحت مدمناً وبشدة مع الموسيقى، وبسماعات الأذن، والألعاب، فوصلت لدرجة أني لم أعد أفرق بين الصح والخطأ.

لم تعد لدي إرادة أو مشاعر لأفعل أي شيء، أشعر أن عقلي ممسوح، ولا أستطيع التركيز، أشعر أني أعيش العدم، أعرف الناس لكني لا أتذكر ماذا فعلت معهم، وماذا قلت لهم! لأن عقلي أصبح مجهداً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أتفهم حجم التحدي الذي تواجهه، وأشعر بصعوبة الموقف الذي تمر به، الإدمان على العادة السرية والمواد الإباحية، والموسيقى بشكل مفرط، يمكن أن يؤثر بالفعل على القدرة على التركيز والتذكر، بالإضافة إلى التأثير على الصحة النفسية والعقلية بشكل عام.

إليك بعض الخطوات التي قد تساعدك في التغلب على هذا الإدمان واستعادة السيطرة على حياتك:

1. الاعتراف بالمشكلة هي الخطوة الأولى في التغيير، وهي الاعتراف بوجود مشكلة، والرغبة في التغيير.
2. من المهم البحث عن الدعم من متخصصين، مثل الأطباء النفسيين أو المعالجين، لأن آلية الإدمان على المواقع الإباحية تشابه آلية الإدمان على المخدرات، وسنوضح ذلك لاحقاً، وبالتالي فهي تتطلب تدخلاً علاجياً في الغالب، كما أن التحدث مع شخص تثق به يمكن أن يكون خطوة جيدة لبدء العلاج.
3. حدد أهدافًا واقعية للتخلص من هذه العادات تدريجيًا.
4. استبدل العادات السيئة بأخرى صحية، كممارسة الرياضة، القراءة، الهوايات، وأنشطة أخرى يمكن أن تساعد في تحويل تركيزك.

5. احرص على تنظيم الوقت، وخلق روتين يومي متوازن، يساعد في الحد من الوقت المتاح للإدمان.
6. تجنب المواقف أو الأجهزة التي تسهم في استمرار هذه العادات.
7. التقرب من الله والمحافظة على الصلوات يمكن أن يعزز من الشعور بالإيمان والقوة الروحية، (سنفصله لاحقاً).
8. عليك بالصبر والثبات، فالتغيير يحتاج إلى وقت وصبر، ومن المهم الاستمرارية حتى في حال حدوث انتكاسات.

إليك توضيح كيف يشابه إدمان المواد الإباحية إدمان المخدرات في تأثيره على الدماغ، ونظام تعزيز المكافأة:

- مشاهدة المواد الإباحية تحفز إفراز مادة الدوبامين في الدماغ، وهي نفس المادة التي تُفرز استجابةً لتناول المخدرات.
- الدوبامين هو ناقل عصبي يلعب دورًا مهمًا في نظام المكافأة والمتعة في الدماغ.

- تعزيز المكافأة هو عملية يصبح فيها الدماغ أكثر استجابةً للمحفزات المرتبطة بالمكافأة (كالمواد الإباحية أو المخدرات).

- مع مرور الوقت، يتطلب الدماغ كميات متزايدة من هذه المحفزات، لتحقيق نفس مستوى المتعة أو الإشباع، مما يؤدي إلى الإدمان.

- الاستخدام المتكرر للمواد الإباحية يغير الطريقة التي يعالج بها الدماغ المعلومات، ويستجيب للمحفزات.

- يؤدي هذا إلى تقليل القدرة على الشعور بالمتعة من الأنشطة اليومية الطبيعية، وزيادة الاعتماد على المواد الإباحية لتحقيق الإشباع.

- عند التوقف عن مشاهدة المواد الإباحية، قد يواجه الشخص أعراض انسحاب مماثلة لتلك المرتبطة بالتوقف عن تعاطي المخدرات، مثل القلق والتوتر والرغبة الشديدة في العودة للإدمان.

- التعافي من إدمان الإباحية يشبه التعافي من أي نوع آخر من الإدمان؛ يتطلب الالتزام والدعم وأحيانًا العلاج المتخصص.

فهم هذه العملية يمكن أن يساعد في التعامل مع الإدمان على المواد الإباحية، بطريقة أكثر فعالية، ويعزز فرص الشفاء والتعافي.

تذكر أن الطريق إلى التعافي ليس سهلًا دائمًا، لكنه ممكن بالإصرار والدعم المناسب، لا تخجل من طلب المساعدة، وتذكر أن هناك دائمًا أملاً في التحسن والتغيير نحو الأفضل.

- تذكر أن أعظم حافز للإقلاع عن المواد الإباحية هو تعزيز الجانب الروحي، وتقوية الصلة بالله تعالى، وإليك بعض النقاط التي يمكن أن تساعد في هذا الجانب:

1. الالتزام بالصلاة في أوقاتها يعزز الوعي الروحي، ويساعد على التقرب من الله. ﴿ٱتۡلُ مَاۤ أُوحِیَ إِلَیۡكَ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَاۤءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ مَا تَصۡنَعُونَ﴾ [العنكبوت ٤٥].
2. تخصيص وقت لقراءة القرآن الكريم بتأمل وتدبر يعمق الفهم ويقوي الإيمان.
3. الدعاء والتضرع وجهة روحية للتواصل مع الله، ويعتبر وسيلة لطلب الهداية والصبر والثبات، قال الله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِیۤ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِی سَیَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِینَ﴾ [غافر ٦٠].

4. المداومة على الأذكار اليومية تساعد على تهدئة القلب، وتجديد الطاقة الروحية، خاصة أذكار الصباح والمساء.

5. التأمل في الطبيعة والتفكير في عظمة الخلق يعزز الإحساس بالهدوء والتوازن الروحي، قال الله تعالى: ﴿ٱلَّذِینَ یَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ قِیَـٰمࣰا وَقُعُودࣰا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمۡ وَیَتَفَكَّرُونَ فِی خَلۡقِ ٱلسَّمَـٰوَا⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَـٰذَا بَـٰطِلࣰا سُبۡحَـٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ﴾ [آل عمران ١٩١].
6. الحفاظ على صداقات مع أشخاص يتمتعون بأخلاق وقيم إسلامية، يمكن أن يكون له أثر إيجابي على إيمانك.
7. المشاركة في مجالس العلم، الدروس الدينية، والأنشطة التطوعية يساهم في تعزيز الإيمان، والشعور بالانتماء.
8. الحرص على تجنب البيئات والمواقف التي قد تضعف الإيمان أو تثير الرغبات السلبية.

تذكر أن علاقتك بالله تعالى ليست مجرد عمل خارجي، بل هي حالة قلبية تتطلب الصدق والإخلاص في البحث عن القرب من الله تعالى.

وللفائدة راجع أضرار العادة السرية: (24312 - 260343 - 2102179)، وكيفية التخلص منها: ( 297229 - 1371 - 2461313)، ووسائل التخلص من إدمان المواقع الإباحية: (3731 - 26279268849 - 283567).

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً