الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي دائماً ما تسبني بألفاظٍ نابيةٍ!

السؤال

السلام عليكم
أمي دائماً ما تسبني بابن (....)، تدعو عليّ بالمصائب والموت والفشل منذ أن كان عمري 10 سنوات، وإلى الآن لا تترك يوماً إلا وسبتني فيه بأسوأ الألفاظ، ودائماً تقول لي: إنني سأصبح فاشلاً وزانياً، رغم أنني مواظب على دراستي وديني، ولكن دائماً ما تقارنني مع الآخرين، وأخي الأكبر كذلك دائماً ما يميل لأمي ويسبني أكثر.

بسببهما لدي جفاف عاطفي وأصبحت مريضاً بالربو منذ 9 سنوات.

أرجو منكم إيجاد حلٍّ لي لأنني لم أعد أتحمل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك - ولدنا الحبيب - في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى أن ييسّر لك الصبر على أُمّك، وأن يُُعينك على بِرِّها، وتحمُّل أذاها.

فأكثر - حبيبنا - من الاستعانة بالله، وسؤاله أن يُعينك، وأن ييسّر لك هذا الأمر، وأن يرزقك الصبر، فإن النبي (ﷺ) يقول: «وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ ‌عَطَاءً ‌خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ».

وتصرُّفات أُمّك هذه تحتاج إلى صبرٍ كبيرٍ منك، والواجب الشرعي عليك أن تصبر، وأن تحتسب أجرك عند الله، فقد قال الله سبحانه وتعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15]. فإذا بلغ أذى الوالدين ما بلغ فإنك مأمور بالصبر والإحسان إليهما ومعاملتهما ومعاشرتهما بالمعروف والإحسان، وسيتولى الله تعالى عونك.

وحاول تجنُّب الأسباب التي تدعو لغضب أُمّك عليك، فلا تأخذ بهذه الأسباب، وتجنّبها بقدر استطاعتك، ولو بأن تُقلّل أيضًًا من المخالطة لأُمّك وقضاء الأوقات الطويلة بجانبها، واتخذ رُفقة صالحة، وصاحب الأخيار من الشباب، الذين يُعينونك على دينك وعلى إصلاح دينك، وستجد فيهم - إن شاء الله - المواساة والإعانة.

وأمَّا ما ذكرته من الجفاف العاطفي بسبب سوء المعاملة؛ فهذا شيءٌ فطريٌّ طبيعيٌّ، فإن الإنسان مجبولٌ على حُب من أحسن إليه، وانزعاجه ممَّن يُسيء إليه، ولكن ممَّا يُقلّل هذا الجفاف لديك ويُعينك على تحسين علاقتك بأُمّك: أن تتذكّرَ دائمًا وأن تُكثر التفكير في إحسان أُمّك إليك؛ فإن هذه الأمّ التي تتأذّى منها أنت في بعض الأحيان هي التي حملتك في بطنها تسعة أشهر، وهي التي أرضعتك حتى فُطمت، وهي التي قامت على شؤونك وإصلاح أحوالك حين كنت ضعيفًا لا تملك لنفسك ضرًّا ولا نفعًا، وفقيرًا لا تملك شيئًا، فتتذكّر تلك اللحظات وما لو أن أُمَّك قد أهملتك وضيّعتك في تلك المراحل من عمرك؛ كيف سيكون حالك، وأين ستكون أنت.

فتذكُّرك لهذا الإحسان يبعث في قلبك المحبّة لأُمّك، وهذا هو السرِّ الذي من أجله أوصى الله تعالى بالوالدين وبالبرِّ لهما مهما بلغت إساءتهما، فإن إحسانهما كبير، ولا يستطيع الإنسان أبدًا أن يجزيهما عمَّا عمِلَا وإن أساءا إليه بعد ذلك. تذكُّر هذه الحقائق سيغير لديك المشاعر بإذن الله سبحانه وتعالى.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً