الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد وفاة أمي حدثت بيننا مشاكل مع أهلها، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أمي -الله يرحمها- توفيت قبل سنين، وأهلها بيننا وبينهم مشاكل، والحمد لله ربي رزقني بزوج صالح.

سؤالي: هل يجوز لي أن لا أخبرهم أني تزوجت؟ علماً بأن بيننا قضايا في المحكمة، وديوناً وإرث أمي، وأموراً كثيرة يصعب ذكرها.

العقل يقول إن عدم إخبارهم فيه أمان من شرور كثيرة، ولكني أشعر بالذنب الكبير، وأريد أن أعرف هل هذا الأمر سأسأل عنه أمام ربي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونسأل الله أن يرحم الوالدة ويرحم أمواتنا وأموات المسلمين، وأن يسعدك في حياتك، وأن يكتب لك الاستقرار، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

أرجو أن تعلمي أن صلة الأرحام لا يمكن أن تدوم إلا بنسيان المرارات والصبر على الجراحات، وإذا نجح الإنسان في أن يبقي شعرة العلاقة بينه وبين أرحامه، ففي ذلك الخير الكثير، وإذا كانت الأمور في المحاكم، فالمحاكم ستتخذ قرارها، لكن الإنسان ينبغي أن يحافظ على شيء من العلاقة، وينبغي أن نربي أنفسنا على ثقافة أن يطالب الإنسان بحقه دون أن يتدخل في أمور أخرى.

أنت أدرى بما فيه المصلحة بالأمور التي يمكن إخبارهم بها، والأمور الأخرى التي يفضل أن تكون فيها خصوصية، والإنسان قد يحتاج إلى أن يقضي بعض حوائجه بالكتمان، وأعتقد أنك تتفقين معنا أن الأرحام ليسوا بدرجة واحدة، فمنهم من يرجى خيره، ويؤمن شره، ومنهم من لا يرجى خيره، ولا يؤمن شره، والإنسان ينبغي أن يحدد المسافة بينه وبين الناس والطريقة التي يعاملهم بها.

إذا نجح الإنسان في أن يبقى علاقة السلام، والسؤال عنهم ولو في المناسبات والأعياد، فإن هذا سيكون فيه خير كثير، والإشكال بين الأرحام قد يطول؛ لأن هذه الدائرة يعمل فيها الشيطان، ولكن لا يوجد على وجه الأرض من أوذي من أرحامه كالأنبياء، ماذا فعل إخوة يوسف بيوسف، لكن لما تمكن ورفعه الله وجاؤوه معتذرين: (قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ * قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ ).

النبي -صلى الله عليه وسلم- أيضًا فعل ذلك عندما قال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، ثم أعاد عبارة يوسف (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين).

لذلك نحن نميل إلى أن تجتهدي في أن تكوني الأفضل، واعلمي أن الناس لا يملكون للإنسان نفعًا ولا ضراً، وأن الأمر بتقدير الله والكون ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، فمن الخطأ أن يعتقد الإنسان أن الناس يستطيعون أن يضروه، الناس لا يستطيعون أن يفعلوا لأنفسهم فضلًا عن غيرهم ضرًا ولا نفعًا، نسأل الله أن يوفقك، وأن يرد لكم الحقوق، وأن يعينكم على تصفية النفوس رغبة فيما عند ربنا الكريم القدوس سبحانه وتعالى.

نسأل الله أن يرحم أمواتنا وأموات المسلمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً