الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قطع العلاقة بمن أحببت حتى يتيسر الزواج.. ما الطريق لذلك؟

السؤال

كنت أكره الزواج حتى تعرفت إلى فتاة في الجامعة، الأمر بدأ بالدرس، ومنذ سنتين أعرفها، لكن بعد سنة أصبح لدي مشاعر تجاهها، ليس لدي صديقات، وأعلم أنه حرام، وألتزم الحدود الشرعية مع الجنس الآخر.

الأمر نفسه ما ذكرته بالنسبة لي ينطبق عند الفتاة، وقعنا بالحرام بالكلام مع بعضنا كثيراً، ليس فقط للضرورة عند الدرس، ونعلم بمشاعرنا تجاه بعضنا، ولا نجلس وحدنا في الجامعة، ولا يوجد لمس.

الحرام الذي وقعنا به هو التواصل والمسايرة، كالمزاح، والجلوس، لكن ليس بمكان مقفل أو وحدنا، وإنما أراها مرتين في الأسبوع، وذلك بعدما اتفقنا أنه يجب علينا الرجوع إلى الله، والتوبة بمراحل، فمثلاً بدل اللقاء -حتى لو أنه ليس وحدنا- بدلاً من أربعة أيام قللنا إلى يومين، وأحياناً ولا مرة، أيضاً خففنا التواصل بيننا على الواتساب، وعدم التحدث إلا لحاجة الدرس من دون مسايرة كي نتوب، ولعل الله يقبلنا ويقدرنا لبعضنا بزواج صالح يرضى به.

أعلم أن ما اقترفناه حرام، ولا مبرر له بأي عذر شرعي، ونحن نوقفه؛ بحيث لا جلوس مع بعضنا كما كنا، ولا تواصل، وكل الحرام الذي ذكرته فإنا نتخذ هذه الخطوات، وخلال شهر نكون قد توقفنا عن كل شيء بعون الله، لكي نخفف على مراحل بسبب التعلق، كمن يوقف التدخين.

أريد أن أسأل: هل إذا نحن ندعو من قبل والآن، ونحب أن يقدر الله الزواج لنا، هل الدعاء هذا مرفوض؟

أنا بعمر ١٩ سنة، والدي لا يستطيع أن يتكفل بزواجي، والفتاة والدها يريدها أن تتزوج، وهي ترفض دائماً حتى تتيسر معي الأمور وأتقدم لها، إني أجد الأمر صعباً، فكيف أحسن الظن؟ أنا حقاً أريد العفاف والسترة بالحلال معها!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الوهاب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحباً بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.. نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

نحن سعداء بتواصلك معنا، وسعداء أكثر بما رأيناه في استشارتك من رجاحة عقلك، وحسن ديانتك، فتجنبك للحرام، وحرصك على تجنب خطوات الشيطان، والحذر الشديد من استدارجه لك إلى الحرام، كل ذلك يدل على رجاحة في عقلك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدى وصلاحًا.

نحن على ثقة تامة من أن رجاحة عقلك، وحسن ديانتك، سيدفعانك دفعًا نحو قطع هذا التواصل بهذه الفتاة، قطعًا كليًا؛ لأنه يضر ولا ينفع، وليس فيه إلا إشعال نار التعلق بها والشوق إليها، مع عدم قدرتك على تنفيذ ما تتمناه، والعاقل لا يفعل ذلك أبدًا، والنفس طبيعتها أنها تنسى الشيء الذي تيأس منه، أما إذا لم تستحضر اليأس فإنها لا تنسى.

لهذا ننصحك أن تريح نفسك أولًا، وأن تجنبها المزالق التي قد يجرها الشيطان من خلالها إلى الوقوع في الحرام، فما دمت لا تستطيع الزواج بهذه الفتاة في هذه المرحلة، فالخير كل الخير أن تجاهد نفسك لنسيانها، وقطع العلاقة معها، فهذا هو دواء العشق والحب، حين يعجز الإنسان عن الوصول إلى المحبوب، وهو كما قلت: طبيعة نفسية بشرية، أن النفس يسهل عليها النسيان حينما تستحضر اليأس.

أنت حدث نفسك بحديث العقل، وحاورها محاورة هادئة في خلوتك، وأن الأمور بالنسبة إليك في هذه المرحلة قد تكون صعبة، فما فائدة التعلق بهذه الفتاة، إلا إضرار القلب وإدخال الهم والحزن إليه، وإلا تعطيل هذه الفتاة عن أن تنصرف إلى حياتها، والله -سبحانه وتعالى- أعلم بمصالحك، وأرحم بك من نفسك، فربما لم يقدر لك الزواج بهذه الفتاة للخير الذي يعلمه هو ولا تعلمه أنت.

كن فطنًا عاقلًا، عاملًا بوصية النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قال: احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، فالتعلق بهذه الفتاة لا ينفعك، فإذا حان الوقت الذي تجد فيه القدرة على الزواج، وكانت هذه الفتاة لا تزال عزباء غير متزوجة، فحينها سيسهل عليك الزواج بها.

اعلم يقينًا أن ما قدره الله تعالى سيقع لا محالة، فقد كتب الله المقادير قبل أن تخرج أنت إلى هذه الدنيا، فاصرف نفسك عن هذا التعلق الذي يضرك ولا ينفعك، واقطع هذه العلاقة تمامًا، وتوجه إلى ربك بصدق واضطرار أن يعفك بالحلال عن الحرام، وأشغل نفسك، واملأ أوقاتك بما يفيد وينفع، لتشغلها بما يفيد؛ فإن النفس طبيعتها أنك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل.

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً