الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالخجل والحرج بسبب غشي في الامتحانات!

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة ثانوية أدرس في السنة الأخيرة، متفوقة وذكية جدًا، لم ألجأ للغش في الامتحانات طول حياتي، ولكن عندما دخلت الثانوية اشتدت الامتحانات والضغوطات، وكنت أدرس الرياضيات والفيزياء...الخ.

من شدة الضغط وقلة الوقت عندما كان الامتحان يخص شيئاً بالحفظ، مثلاً الدين الإسلامي والتاريخ، كنت أغش فيه، حتى وصلت للسنة الأخيرة، وفي الاختبارات النهائية غششت بامتحان، ولكن هذه المرة المراقبة رأتني، وكنت في موقف محرج للغاية أمام طلاب الصف، لأنهم يعرفون أني طالبة ذكية، ولا أغش، وأخذت مني الأوراق، وكانت ستعاقبني بأن لا أتعلم لمدة سنتين! وهي لديها صلاحية ذلك، ولكن بلطف من الله تدخل أستاذ في المدرسة، فلم تفعل، ولكني ما زلت خائفة وما زال موقفي محرجاً أمام الطلاب.

علماً بأن الكثير منهم قاموا بالغش، ولكن كوني طالبة متفوقة، ولا أحد يعلم أني أغش أحياناً، شعرت بخجل شديد من جميع معلمي وطلاب صفي.

الآن أنا أبكي كل يوم، ولا أستطيع أن أفعل شيئاً، لأن كل تفكيري في هذه القصة، يمكن أن تروا القصة يسيرة، ولكنها -والله- ثقيلة على قلبي، أعطوني نصيحة أو توجيهاً يساعدني، ولو قليلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُعينك على ترك الغش لله ورغبةً في ثواب الله، وليس خوفًا من الناس أو خشيةً منهم.

هذا الموقف الذي حصل لعلَّ فيه خيراً، ولعلَّ فيه ردعاً لك، وإذا ذكّرك الشيطان ما حصل فجدّدي التوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، ولا تغتمّي وتهتمّي لأجل كلام الناس، واجعلي همّك إرضاء رب الناس، فإن الإنسان إذا تطلّب رضا الله وإنْ سخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، لكن المصيبة أن يجعل الإنسان همّه إرضاء الناس، عند ذلك يغضب رب الناس ويسخط عليه الناس.

اجعلي همّك إرضاء الله تبارك وتعالى، والحمد لله الذي ردّك للحق والصواب، واجعلي من تمام توبتك أن تصدقي في دراستك وفي حياتك، والغش ممنوع سواء كان في العلوم الشرعية أو العربية أو غيرها، والإنسان ينبغي أن يعتمد -بعد الله- على نفسه ويبذل مجهوده، ونسأل الله أن يُعينك على الخير.

نحن نريد من بناتنا المتفوقات دراسيًّا أن يتركن الغش في الامتحانات، حتى ولو انهمك جميع الطلاب في الغش؛ لأن الذي يغش إنما يضرّ نفسه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لَعَلَّكَ غَشَشْتَ، ‌مَنْ ‌غَشَّنَا ‌فَلَيْسَ مِنَّا).

أرجو أن تأخذي الموضوع محرّماً من الناحية الشرعية، ليس لأن الناس تعجّبوا، وليس لأنك أُحرجت أمام الناس؛ فكل هذا فعلًا حصل، ولكن اجعلي همّك أن تكون التوبة لله تبارك وتعالى.

احمدي الله تبارك وتعالى الذي جعل الموقف يمرُّ بسهولة، ولم تتعرضي للعقوبة، فإن هذا كان سيكون آثاره أخطر، ولكن على كل حال من المهم جدًّا بعد أن عرفت هذا الموقف، وبعد أن تقرئي هذه الاستشارة؛ أن تتوقفي عن مثل هذه الممارسات، وتنصحي الطالبات بضرورة أن يتوقفن عن الغش، فإننا نخدع أنفسنا، ونُلحق الضرر بغيرنا عندما نأخذ إجابات ليست لنا، أو نأخذ إجابات لم نتعب فيها، لأن هذا هو مكمن الخطر في مسألة الغش في الامتحانات.

نسأل الله أن يُعينك على الخير، ولا نريد أن تبكي، ولكن نريد أن تحولي هذه المشاعر السالبة إلى تجديد للتوبة، وهذا هو الذي يغيظ الشيطان، لأن هم الشيطان أن يُحزن أهل الإيمان، والشيطان يفرح إذا حزنت المؤمنة وحزن المؤمن، فاجعلي حزنك استغفارًا وتوبةً ولجوءاً إلى الله.

إذا ذكّرك الشيطان بما حصل فجدّدي التوبة، وأكثري من الاستغفار، وتوجّهي إلى الكريم المتعال، واعلمي أن هذا العدو يحزن إذا تبنا، ويندم إذا استغفرنا، لكنه يبكي إذا سجدنا لربنا، فعامليه بنقيض قصده.

أنت -ولله الحمد- كنت في الرفعة، فانظري إلى الأعلى، ولا تعودي إلى ما عليه الطلاب من الغش والممارسات الخاطئة، واحمدي الله الذي ميّزك بذكاءٍ وبتفوّقٍ، ونسأل الله أن يُديم عليك نعمه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً