الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإصابة بسرطان الرحم وانتقاله إلى أجزاء متفرقة في الجسم

السؤال

السلام عليكم
عمتي في عقدها السادس، ومصابة بسرطان الرحم منذ عدة سنوات، وهي تشتكي دائماً، وقد اكتشفوا أن السرطان انتشر لأعضاء أخرى في الجسم، وقد أكد بعض الأطباء أن العلاج لن يجدي وبعضهم قال: إن العلاج بالخارج يُجدي، فهل العلاج بالخارج سيأتي بنفع؟

علماً أنها كانت تشتكي من سرطان الرحم وانتقل بسبب إهمالها في الكشف المبكر، وانتشر للكبد وصارت تتقيء وتنزف دماً، وهي لا تأخذ أي علاج، فهل من الممكن أن نرحمها من هذه المعاناة فهي كبيرة ولا تتحمل؟!
وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى أن يربط على قلب عمتك ويثبتها في هذا الموقف الصعب، وأن يجزل لها الثواب على صبرها على هذا البلاء الشديد، ومن الواضح أن الوضع لدى عمتك متأخر جداً طالما أن السرطان قد انتشر إلى عدة أماكن في الجسم ثم إلى الكبد، مما أدى إلى انسداد مجرى قنوات الدم في الكبد وتكون الدوالي في المريء، ولذلك فهي تتقيء الدم، وغالباً قد انتشر أيضاً إلى الرئتين، فهذان العضوان هما أكثر الأعضاء تأثراً بانتشار السرطان.

هذه الحالات قد ينفع معها العلاج بالإشعاع للتقليل من حجم الأورام التي انتشرت والتقليل من الآلام التي تحس بها، ولديكم في مصر مركز للعلاج بالإشعاع أو العلاج الكيماوي أو الهرموني.

لا أعتقد أن العلاج الخارجي سيجدي نفعاً طالما أن الوضع منتشر إلى هذه الدرجة، وليس هناك علاج جديد، فالعلاج لهذه الحالات هو إما علاج إشعاعي أو هرموني أو كيماوي، وهذه فقط للتقليل من الآلام والأعراض الجانبية لانتشار المرض، ويبقى أن الأطباء المتابعين لها هم الأدرى بوضعها الصحي وبمدى فاعلية العلاج؛ إذ يعتمد نجاح أي علاج على الوضع الصحي للمريضة ودرجة انتشار المرض ووظائف الجسم المختلفة من كبد وكلى ورئة.

لا بد من رفع معنوياتها في هذه المرحلة، ويكفيها أن حساب الحسنات في ازدياد، ولها بهذا الصبر العظيم عند الله الأجر العظيم طالما أنها صابرة محتسبة: ((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ))[الزمر:10]، والله تعالى يقول: ((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ))[البقرة:155-156]، فعليكم بالدعاء لها أن يخفف الله عنها ما تعانيه، وعليكم بتذكيرها بعظيم الأجر عند الله على صبرها وأن تثبتوها في هذا الموقف الصعب.
وبالله التوفيق.
د. سامية النملة
------------------------------------------
نرجو أن تذكروها بأن المؤمن دائر بين الصبر والشكر اللذين هما شطرا الإيمان، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) وبأنه ينادى على أصحاب البلاء الذين صبروا يوم القيامة، فيتمنى الأصحاء أن لو كانوا قرضوا في الدنيا بالمقاريض لما يرونه من الكرامة والفضل لأصحاب البلاء!

أيضاً ذكروها بأن المؤمن الذي يموت بداء البطن أو بالطاعون مبشر بالشهادة، ونرجو أن يكون هذا منه، وكذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيراً يصب منه)، وبقوله عليه الصلاة والسلام: (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون الأمثل فالأمثل، يبتلى الناس على قدر دينهم، حتى يمشي الرجل على وجه الأرض وما عليه خطيئة).

كما نرجو أن تراعوا حالتها النفسية، وذلك بالاهتمام والرعاية البالغة بها، والتذكير المستمر بالأجر والثواب، والحث على الصبر، وتحمل الأعباء عنها ومحاولة إدخال السرور إلى نفسها، وأجركم على الله تعالى، فمن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مؤمن كربة في الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.

نسأل الله أن يشفي عمتكم وأن يلهمها الصبر والعافية، وأن يكتب أجرها.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً