الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمها تسيء معاملة زوجها وتغتاب أعمامها بحضرتها

السؤال

أنا متزوجة منذ 10 أشهر، وزوجي رجل فاضل والله لم أر منه إلا الحب والود العطف والحنان، فأنا أحبه كثيراً وهو كذلك، حياتي معه نعيم علي وجه الأرض، ولكن مشكلتي الوحيدة هي أهلي وبالأخص أمي، إذ إنها لا تعيره أي اهتمام ودائما تظنه أنه صغير، ولا يفهم شيئا من الدنيا (عمره 25 سنة وأنا 22 سنة)، فلا تعطيه مكانته فمثلا إذا كنا جالسين في بيت أمي أنا وزوجي وإخوتي الكبار، تقول لزوجي اذهب وائت بكذا أو كذا وإخوتي لا تأمرهم أبداً وهو يمشي ولا يقول شيئا، وذلك من حبه إياي، أو تأتي إلي بيتي من غير استئذان، وتقول له كلاما يجرحه كثيراً، كأنه لا قيمة له فهي دائما تقول لي إنك تستحقين أحسن منه، والله هو بالنسبة لي أحسن من كل الرجال فهو رجل فاضل ملتزم يراعي الله في، ولا يبخل علي بشيء، وكذلك مثقف يشتغل مهندس اتصالات، ولكن هو من طبقة أقل منا اجتماعيا، فهي دائما تقول لي أنت أحسن منهم، وأنت أرقي منهم لا تعيريهم اهتماما، لا تقومي لزوجك الصباح خليه يتعود لحاله، يكوي ثيابه وحده، يفطر وحده فهي تجعلني في بعض الأحيان أكرهه وإلي الآن لم أنجب فتقول لي أنت لا بأس بك، ممكن هو ونحن لم نعمل أي من التحاليل لنعرف، الخلاصة هي: تجعلني أكرهه وأنتقصه كما تفعل هي وإخواني هو لا يمنعني من الذهاب إلى بيت أهلي، إلا إذا جرحته أمي كثيراً نحن للأسف نسكن بجانبها؛ لأني أردت ذلك أول الزفاف، فهي دائما عندي وتتحكم فيما أفعل، وعندما لبست النقاب بعدما تزوجت تذمرت كثيراً وتقول لي هو السبب دفن لك شبابك، ولا يريدك أن تبري أهلك؛ لأنه إذا أتي ابن خالتي إلى بيتي لا أخرج له يبقي هو وزوجي، فأمي تغضب من ذلك وتقول إنني أقطع رحمي، حاولت أن أفهمها ولكن لا جدوى، ماذا أفعل معها، فأنا بين نارين بر أمي ورضا زوجي، زوجي يريد الخروج من هذا البلد لأننا هنا لا نتمكن من ممارسة ديننا بحرية، فنريد الهجرة إلى السعودية بإذن الله، فهي لما تسمع ذلك تبكي وتقول لي لا تتركي أمك وحدها مع العلم بأن أبي متوفى، وتعيش مع إخوتي الذين لا تتفق معهم لسوء تصرفها، فأنا الوحيدة التي أسمعها وأواسيها وأحاول أن أحل مشاكلها مع إخوتي، فماذا أفعل؟
ثانيا: أمي لديها الكثير من المشاكل مع أهل أبي فتأتي إلي بيتي وتغتاب عماتي وتشتمهن حتي أنني أصبحت أكرههن، وتستدرجني معها في الحديث حتي أخوض في الغيبة معها، وبعدما تخرج أندم وإيماني ينزل كثيراً ولا أحافظ على صلاتي ولا أقضي وردي وأحافظ على طلب العلم وإذا تداركت نفسي وأتوب ينقلب الحال إلى ما كان عليه فماذا أفعل معها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد

فالشق الأول من السؤال جوابه هو أنه يلزمك طاعة زوجك إن طلب منك السفر معه سيما إذا كان بقاؤك إلى جانب أمك لا تستطعين معه التمكن من إقامة شعائر دينك، وطاعة الزوج أولى من طاعة الوالدين ما لم يأمر بمعصية.. وما تأمرك به أمك من الإساءة إليه لا يجوز لك لأن طاعتها مقيدة بما إذا أمرت بالمعروف، ولا معروف في الإساءة إلى الزوج والتقصير في حقه، وكذلك ما تأمرك به من مخالطة ابن خالتك إذا كان أجنبياً عنك فلا يجوز لك ذلك إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه.

فصلي أمك بالمعروف، ولا تطيعيها فيما تأمرك به من معصية الله عز وجل، كما إن إساءتها هي إليه وإهانتها له محرم: وحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كما في الحديث المتفق عليه. فلتتق الله تعالى ولتكف عن ذلك ولك نصحها بالتي هي أحسن.

وأما الشق الثاني من سؤالك؛ فإن اغتابت أحداً بحضرتك فذكريها بالله وخوفيها من عقابه.. فالغيبة محرمة وهي تأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب الرقيق، سيما إذا كانت غيبة قريب تجب صلته ومودته، فلا بد من معالجة ذلك بالحكمة، وإياك أن تفيضي معها فيما تفعل من الغيبة بل مريها بالكف، فإن فعلت وإلا فاخرجي ودعي مجلسها، واحذري من التهاون بأمر الصلاة والتكاسل عنها فهي عماد الدين، من حفظها حفظ الدين، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وهي التي تقوي الإيمان وتعززه في النفس وتنهى عن الفحشاء والمنكر فحافظي عليها وتوبي إلى الله من تقصيرك فيها، وابتعدي عن الأسباب التي تدعوك إلى ذلك، وأحسني عشرة زوجك وأطيعيه فيما يأمرك به من المعروف، ولو نهتك أمك فطاعته أوجب وحقه أعظم. واسعي في تغيير سلوك أمك لتكف عن الحرام والإساءة إلى الناس، فذلك من أعظم برها، لكن لا بد من مراعاة حرمتها وكبر سنها عند الحديث إليها، ونصحها بأن يكون كلامك سهلاً ليناً لا فظاظة فيه ولا تأفيف ولا رفع صوت أو جدال، فإن أفاد ذلك فبها ونعمت، وإلا فقد فعلت ما عليك.

وللمزيد من ذلك انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 105217، 28705، 69916، 74485، 14618.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني