الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من اشترى سلعة على أن البائع متى ما رد الثمن فالسلعة له

السؤال

باع رجل دكانه من رجل بشرط أنه إن أعاد ثمن الدكان في آخر السنة بطل البيع، ورجع الدكان إلى البائع، وإلا نفذ البيع كما كان، ثم أجَّر الدكان من اشترى بالشرط المذكور إلى بائعه المذكور بثمن معلوم إلى بطلان البيع أو نفاذه. فهل تصح هذه المعاملات والمبايعات؟ وهل يكون ثمن الإجارة ربًا إن عاد الدكان إلى بائعه أم لا؟ وما الدليل على ذلك؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد اختلف العلماء في مدة خيار الشرط على أقوال:

فقالت الحنفية والشافعية: لا يصح أن يزيد على ثلاثة أيام لحديث حبان بن منقذ أنه كان لا يزال يُغبن، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: إذا أنت بايعت فقل: لا خلابة، ثم أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال، فإن رضيت فأمسك، وإن سخطت فارددها إلى صاحبها. رواه ابن ماجه، وأصله في الصحيحين والسنن.

ولحديث ابن عمر عند البيهقي أنه صلى الله عليه وسلم قال: الخيار ثلاثة أيام. وفي بعض روايات حديث النهي عن تعرية البهائم: وهو بالخيار ثلاثًا. رواه البخاري عن أبي هريرة.

وقالت المالكية: كل مبيع خياره بحسبه، فما كان منها يُخبر في يوم فخياره يوم، وما يخبر في ثلاث فخياره ثلاث، وما يخبر في شهر فخياره شهر، وهكذا...

وقالت الحنابلة وفقهاء أهل الحديث: لا حد لمدة الخيار لا في أكثرها ولا في أقلها، لحديث: المسلمون على شروطهم... رواه الترمذي وغيره، وقالوا: إن الأحاديث السابقة فيما إذا لم يحصل الشرط أصلًا، وذلك في حالات معينة كالتصرية، والغبن، وغيرها.

وعلى العموم، فالجميع يشترط عدم انتفاع البائع بالثمن مدة الخيار، وعدم انتفاع المشتري بالمبيع كذلك؛ إلا فيما كان للاختبار فقط، لأن الانتفاع إمضاء للبيع.

وبهذا تعلم أن المعاملة المذكورة لا تجوز عند أحد من أهل المذاهب الأربعة، بل ولا غيرهم فيما وقفنا عليه، لأن البائع سينفع بالثمن لغير الاختبار والمشتري سينتفع بالمبيع لغير الاختبار.

قال الإمام مالك في المدونة في كتاب بيوع الآجال: ومن ابتاع سلعة على أن البائع متى ما رد الثمن فالسلعة له لم يجز ذلك لأنه بيع وسلف. قال سحنون: بل سلف جر نفعًا.

وعلى هذا فالبيع المذكور فاسد كما قدمنا، وما ترتب عليه من إيجار فاسد أيضًا، وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في الغلة المستفادة من مثل هذا البيع (الدكان) في الفترة المذكورة، هل هي للمشتري أو للبائع؟ وذلك لاختلافهم في هذا النوع هل هو بيع أو رهن؟ فمن قال: إنه بيع، قال: الغلة للمشتري، ومن رأى أنه رهن قال: الغلة للبائع.

قال صاحب مواهب الجليل وهو أحد أئمة المذهب المالكي: والراجح أن الغلة للمشتري، كما نقله ابن رشد في المسألة العاشرة من سماع أشهب. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني