الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب هجر الصديق الذي يفعل بعض المعاصي أحيانا

السؤال

هل يُشرع حسن الخلق مع غير المسلم وأقصد بحسن الخلق الابتسامة والقول الحسن والتعامل اللين,لا لهدف دعوتهم وتأليفهم على الإسلام: ولكن من باب قول الله تعالى: وقولوا للناس حسنا, وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ـ وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: وخالق الناس بخلقٍ حسن؟.
فضيلة الشيخ: لي أصحاب منذ زمن بعيد يصلون ويحبون الصالحين وأفكارهم سليمة بشكل عام وليس لديهم أفكار منحرفة، لكن عندهم غيبة أحياناً ويشاهدون التلفاز والمسلسلات أحياناً، ليس أمامي ولا يستمعون الأغاني وبعضهم يحلق لحيته ويحبون من يحدثهم عن الله ورسوله، وما ذكرته من مخالفاتهم هي أبرز ما عندهم وهم أصحاب خلق حسن، فهل تجب علي مقاطعتهم استناداً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمنا؟ وما حكم مصاحبتي لهم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما حسن الخلق والبر والإقساط فإنه مشروع للناس جميعا المسلم والكافر غير المحارب, وما ذكرته من الآيات والأحاديث نص في هذا الموضوع ويدل عليه كذلك قوله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة : 8}.

وأما الكافر المحارب فليس له شيء من ذلك.

وأما أصحابك هؤلاء: فإنا ننصحك بأن تحسن إليهم وتتألفهم وتتخذ ذلك سبيلا لهدايتهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر بأسلوب لين رفيق تستثمر فيه ما لديهم من صفات طيبة وحب للدين والاستقامة, ولا يجب عليك مقاطعتهم، لأنهم من أهل الخير والصلاح في الجملة والمعاصي لا يسلم منها أحد, خصوصا من كان مستترا بمعصيته غير مجاهر بها, وأما النصوص التي وردت في الحث على هجر أصحاب المعاصي فهي في العاصي المعلن بفجوره المصر عليه, لكنا ننبهك هنا على أمرين هامين لا يتم الجواب إلا بهما:

الأول: أنه لا يجوز لك مصاحبتهم حال فعل المعصية، بل الواجب عليك إن وجدت منهم معصية ما كغيبة ونحوها أن تنكر عليهم وتذكرهم بالله جل وعلا، فإن استمروا فعليك أن تقوم عن مجلسهم، كما بيناه في الفتوى رقم: 151385.

الثاني: إن خفت على نفسك الفتنة وأن ينتقل إلى طبعك بعض عاداتهم السيئة فيشرع لك حينئذ هجرهم والبعد عنهم حفاظا على دينك، بل قد يجب ذلك، قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث لمن كانت مخالطته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني