الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحلف بالطلاق على سبيل المحاكاة

السؤال

قرأت لكم فتوى أثارت التفكير في ذهني، وهي الفتوى التي قال فيها أحد لزوجته: جاءتك طلقة ـ وكنت قد قلت لزوجتي مثل هذه الجملة وبعد أن صدرت مني وقبل أن أقرأ فتواكم أنها لا توقع شيئا أخذني الشك والتفكير وظللت أكرر الكلمة مع نفسي وأحاول أن أتدبرها بيني وبين نفسي وأقول جاءتك طلقة أكثر من مرة، وقلت كلمة طلقة مفردة أكثر من مرة طلقة طلقة طلقة لكي أتدبرها، وهذا التدبر كان بصوت مسموع لي، فهل هذه الكلمة توقع شيئا؟ وصورة زوجتي كانت في ذهني أثناء هذا الحديث مع نفسي، وحدثت لي مشكلة مع أختي وزوجتي وكنت أحكيها لأحد أصحابي وقلت له إن أختي هي من رحمي، أما امرأتي فالذي بيني وبينها كلمة، والكلمة التي كنت أقصدها هي كلمة الطلاق، فهل في هذا شيء؟ وأحيانا يسيطر على تفكيري وأقول لزوجتي ألفاظ الطلاق صريحة وتكون أمامي وتتحرك شفتي وأشعر أن شفتي تنطق بهذه الكلمات من غير إرادة أو رغبة، فما رأيكم في هذا؟ وأخيرا لي صديق يحلف كثيرا بالطلاق على سبيل التأكيد على شيء فعله مثلا، والمشكلة أنني أمتلك موهبة التقليد والمحكاة وأقلد صاحبي هذا كثيرا ويطلب من أصحابي أن أقلده فأقوم بهذا ولا أعرف هل في مرة من المرات حلفت بما يحلف وقلت علي الط كذا أو كذا، وجزاكم الله عني خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالطلاق يقع باللفظ الصريح أو الكناية مع النية من الزوج المكلف المختار، وكل ما ذكرته في سؤالك وساوس ليس فيها ما يوقع الطلاق على زوجتك، فأعرض عن هذه الوساوس واحذر من مجاراتها واستعن بالله ولا تعجز.

وبخصوص الحلف بالطلاق: فاعلم أن الجمهور على وقوع الطلاق به عند الحنث سواء قصد به الطلاق أو التأكيد على أمر أو الحث عليه أو المنع منه، وهذا هو المفتى به عندنا خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ الذي يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث، لزم الحالف كفارة يمين ولا يقع به طلاق، وانظر الفتوى رقم: 11592.

كما أن الحلف بالطلاق محاكاة لبعض الناس لا يقع به طلاق ديانة، جاء في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: وَيَتَّجِهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ الزَّوْجُ لِقَوْلِهِ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ جَوَابًا لِقَوْلِهَا لَهُ أَنْتَ طَالِقٌ لَفْظَ ذَلِكَ لِمَعْنَاهُ وَهُوَ إيقَاعُ الطَّلَاقِ بِذَلِكَ اللَّفْظِ، بَلْ قَصَدَ بِإِجَابَتِهِ لَهَا بِذَلِكَ مُجَرَّدَ الْمُحَاكَاةِ لَهَا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الطَّلَاقِ دُيِّنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 135257، بعنوان: لا يقع الطلاق بمجرد التلفظ به بلا قصد إنشائه.

وننبهك إلى أن محاكاة الغير على سبيل السخرية وإضحاك الناس أمر محرم، كما بيناه في الفتوى رقم: 151061.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني