الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استتري بستر الله ولا تخبري أحدا بما جرى

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أنا إنسانة متزوجة استغللت جنسيا من طرف رئيسي في العمل رغم أنني لم أكن راضية عن هذا الوضع
وكنت دائما أستحضر أمامي لقاء الله سبحانه وتعالى وأخافه كثيرا إلا أنني لم أقدر على مواجهة هذا الرئيس القذر الذي يستغل ضعف الناس أخيرا أنتقل الوغد وحمدت الله وعدت إلى طاعة الله واستغفرته كثيراً وبكيت وندمت على ضعفي وعدم مواجهتي له ولو اضطرني ذلك إلى فقدان عملي إجمالا أنا إنسانة لا أعرف الكراهية أحب عمل الخير والمساعدة أحب الله كثيراً وأهابه ويؤنبني ضميري وأخاف عذاب القبر والآخرة.
أود أن يشفى غليلي بإجابتكم على سؤالي وجزاكم الله خيراً.
والسلام عليكم ورحمة الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن جريمة الزنا من أعظم الذنوب، وأشدها خطراً على الفرد والمجتمع، ولهذا شدد الإسلام في تحريمها، فقال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32]. وغلظ في عقوبتها، فقال تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور:2]. هذا إذا كان الشخص بكراً أي لم يتزوج. أما إذا كان قد تزوج ودخل، فإن عقوبته الرجم بالحجارة حتى يموت. ومع ذلك، فإن باب التوبة مفتوح لمن أراد الدخول إليه، ورحمة الله الواسعة تشمل العصاة والمذنبين جميعاً مهما كانت ذنوبهم وعظمت جرائمهم، قال الله تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ [الأعراف:156]. بل إن من أخلص عمله لله تعالى وتاب توبة نصوحاً بدّل الله تعالى سيئاته حسنات، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68-70]. وعلى هذا، فيجب على السائلة الكريمة المبادرة بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، عسى الله أن يبدل سيئاتها حسنات، ولتنأكد أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، فقد قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]. وعليها أن تستتر بستر الله تعالى، ولا تخبر أحداً بما جرى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله جل وعلا رواه الحاكم والبيهقي. نسأل الله تعالى أن يستر عيوبنا، ويتقبل توبتنا إنه هو الغفور الرحيم. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني