الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموسوس يطرح الشك في جميع العبادات

السؤال

جاء في الفروع لابن مفلح الحنبلي: وَمَنْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ؛ أَخَذَ باليقين. اختاره الأكثر، منهم أبو بكر، وَزَادَ: يَبْنِي الْمُوَسْوِسُ عَلَى أَوَّلِ خَاطِرٍ، كَطَهَارَةٍ، وَطَوَافٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ، وَغَيْرُهُ.
سؤالي عن الفرق بين بناء الموسوس على الأكثر، وبنائه على أول خاطر. وهل يبني الموسوس على أول خاطر حتى وإن كثرت خواطره، كأن يشك في الصلاة مثلا هل هو في الركعة الأولى، أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة، أو يشك في غسل عضو في الوضوء هل هي الغسلة الأولى أو الثانية أو الثالثة؟ أو يشك في غيرها من العبادات؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمراد من أطلق العبارة المذكورة، هو أن يبني على أول خاطر، سواء كان الأقل أو الأكثر. وقد بينا ذلك في جواب سؤال مشابه لسؤالك، وذلك في الفتوى: 386296، وراجع للفائدة، الفتوى: 257578.

وبما أن النص الذي نقلته هو عن أحد علماء السادة الحنابلة، نضيف لك هنا أن الحنابلة يقررون أن الموسوس يطرح الشك في جميع العبادات، ولا يلتفت إليه.

قال في مطالب أولي النهى: وَ (لَا) يُشْرَعُ سُجُودُ السَّهْوِ (إذَا كَثُرَ) الشَّكُّ، (حَتَّى صَارَ كَوِسْوَاسٍ، فَيَطْرَحُهُ وَكَذَا) لَوْ كَثُرَ الشَّكُّ (فِي وُضُوءٍ وَغُسْلٍ وَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ)، وَتَيَمُّمٍ، فَيَطْرَحُهُ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِهِ إلَى نَوْعٍ مِنْ الْمُكَابَرَةِ، فَيُفْضِي إلَى زِيَادَةٍ فِي الصَّلَاةِ مَعَ تَيَقُّنِ إتْمَامِهَا، فَوَجَبَ إطْرَاحُهُ، وَاللَّهْوُ عَنْهُ لِذَلِكَ. انتهى.

وهذا القول هو الذي ذكره المرداوي في الإنصاف، ونسبه إلى ابن أبي موسى ومن تبعه، ولم يذكر غيره.

وعبارته: الرَّابِعُ: قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَمَنْ تَبِعَهُ: مَنْ كَثُرَ مِنْهُ السَّهْوُ، حَتَّى صَارَ كَالْوَسْوَاسِ، فَإِنَّهُ يَلْهُو عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِهِ إلَى نَوْعِ مُكَابَرَةٍ، فَيَقْضِي إلَى الزِّيَادَةِ فِي الصَّلَاةِ مَعَ تَيَقُّنِ إتْمَامِهَا وَنَحْوِهِ؛ فَوَجَبَ اطِّرَاحُهُ، وَكَذَا فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ نَحْوُهُ. انتهى.

وهذا هو الذي لا ينبغي العدول عنه، سدا لباب الوساوس، وهذا معمول به في جميع العبادات -كما رأيت- فمهما كثر الوسواس أو تزايد، فالذي ينبغي هو طرحه والإعراض عنه بالمرة.

وراجع الفتاوى: 124075، 170129، 195885.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني