الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواجب تنزيه رب العالمين عن جميع النقائص

السؤال

طبعا كما نعلم، فإن المستحيل عند البشر، ممكن عند الله، كالمعجزات.
فأريد أن أعرف ما هو المستحيل بالنسبة لله، مثل: الله يستحيل أن يموت، والله يستحيل أن يظلم؛ لأن هذه الصفات تنافي الكمال. والله هو الكامل سبحانه وتعالى.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكل ما نفاه القرآن عن الله -تعالى- يدخل في جواب سؤال السائل! فكما نفى القرآن الموت عن الله -تعالى- في قوله: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ [الفرقان: 58]، ونفى الظلم عنه بقوله: وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف: 49]. فقد نفى أيضا: العجز والضعف، والفقر، والسِّنَة والنوم، ‌والإعياء والتعب واللغوب، والجهل، والغفلة، والنسيان، والحاجة إلى الطعام والزرق، والعبث، والشفاعة دون إذنه. كما نفى عن نفسه: الشريك، والزوجة، والولد، والكفء، والولي، والظهير، فقال تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا [فاطر: 44].

وقال سبحانه: وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ [المائدة: 64].

وقال: لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا [البقرة: 255].

وقال: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ [المؤمنون: 115، 116] وقال: أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى [القيامة: 36].

وقال: وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا [مريم: 64].

وقال: وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [يونس: 61].

وقال: وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ [المؤمنون: 17].

وقال: قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ [الأنعام: 14].

وقال: مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ. إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات: 57 - 58].

وقال: وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ [ق: 38].

وقال: بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الأنعام: 101].

وقال: وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا [الإسراء: 111].

وقال: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [سبأ: 22، 23].

وقال: الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا [الفرقان: 2].

وقال: لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص: 3، 4].

وقد جمع ابن القيم ذلك في نونيته، حينما ذكر تقسيم التوحيد إلى: قولي وعملي، وقسم القولي إلى: نفي وإثبات، وقسم النفي إلى: متصل ومنفصل، فقال:

سلب النقائص والعيوب جميعها ... عنه هما نوعان معقولان

سلب لمتصل ومنفصل هما ... نوعان معروفان، أما الثاني

سلب الشريك مع الظهير مع الشـ ...ـفيع بدون إذن الخالق الديان

وكذاك سلب الزوج والولد الذي ... نسبوا إليه عابدو الصلبان

وكذاك نفي الكفء أيضا والولي ... لنا سوى الرحمن ذي الغفران

والأول التنزيه للرحمن عن ... وصف العيوب وكل ذي نقصان

كالموت والإعياء والتعب الذي ... ينفي اقتدار الخالق الديان

والنوم والسنة التي هي أصله ... وعزوب شيء عنه في الأكوان

وكذلك العبث الذي تنفيه حكمتـ ... ـه وحمد الله ذي الإتقان

وكذاك ترك الخلق إهمالا سدى ... لا يبعثون إلى معاد ثان

كلا ولا أمر ولا نهي ... عليهم من إله قادر ديان

وكذاك ظلم عباده وهو الغني ... فما له والظلم للإنسان

وكذاك غفلته تعالى وهو علا ... م الغيوب فظاهر البطلان

وكذاك النسيان جل إلهنا ... لا يعتريه قط من نسيان

وكذاك حاجته إلى طعم ورز ... ق وهو رزاق بلا حسبان.

وراجع للفائدة، الفتوى: 371560.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني