الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تزوير شهادة مرضية من أجل الانتقال إلى جامعة أخرى

السؤال

أدرس في جامعة بعيدة جدا عني، ثلاث ساعات ذهابا، وثلاث ساعات عودة، ولا أتمكن من أخذ سكن خارجي الآن، ولدي فرصة تحويل لجامعة أقرب وأفضل، ولكن شروط التحويل درجة معينة -والحمد لله، قدر الله، وما شاء فعل- لم أحصل عليها، رغم محاولات كثيرة، ومن هم دون هذه الدرجة لديهم فرصة تحويل بعذر طبي، وبالفعل أنا مريضة، فقدمت أوراقا تدل على مرضي، وهي آلام العظام، وضيق التنفس، مما يصعب الحركة في المواصلات، ويزيد من إرهاقي وتعبي، ولكنهم رفضوا هذا العذر، رغم أنه تم قبوله العام الماضي، والأمر هو أن أغلب الطلبة يقومون بعمل أوراق تدل على أنهم مرضى، وهم غير مرضى، ويتم قبولهم في الجامعة.
مع العلم أن المسؤولين والموظفين علموا بهذا، وأن الموظفة قامت بتسمية الأمراض التي تريدها، ليتم قبولهم، وهم على علم أنها أوراق غير حقيقية، ثم يتم تحويل الطلبة إلى لجنة طبية، وهذه اللجنة لا تكشف على الطلبة، لأنهم يعلمون كل الأمر، وأنها أوراق روتينية، وإجراءات، وهم على علم أنها غير حقيقة، ولا يهتمون بمن هو مريض بالفعل، ووسط كل هذا، فمرضي لا يعتبر قويا وسط كل هذه الأوراق غير الحقيقة، فأغلقت في وجهي كل الأبواب، ولم يبق سوى هذا الباب، وقلبي يعتصر حزنا أنني قد أفقد مكانا به فرصة أفضل بكثير، لمجرد جهلي هل هو حلال أم حرام، ولهذا أسأل. مع العلم أن الجامعة لا ترفض طالبا استوفى الشروط، أو مريضا مرضا شديدا، ولهذا إن فعلت فلن آخذ مكان أحد، بل إنني مريضة بالفعل، أرجو منكم الإفادة، فقد أغلقت في وجهي كل الأبواب، والاستمرار في جامعتي صعب جدا، ودرجاتي متأثرة بالمسافة والتعب.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن ييسر أمرك، واعلمي أن تزوير الشهادات الطبية محرم شرعا، قال تعالى: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ {الحج:30}.

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: من غش فليس منا. رواه مسلم.

وفي الحديث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين -وكان متكئا فجلس- فقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور. أخرجه البخاري، ومسلم.

فلا يجوز لكِ الإقدام على التزوير، وما ذكرتِه من شيوع التزوير بين الطلاب، وعلم المسؤولين بذلك، لا يسوغ لكِ التزوير، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا تكونوا إمعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا، فلا تظلموا. رواه الترمذي.

ولو فُرض أن النقل حق لكِ، فإن قصد الوصول إليه لا يبيح التزوير.

قال ابن تيمية كما في الفتاوى الكبرى: شهادة الزور، والكذب حرام، وإن قصد به التوصل إلى حقه. اهـ.

فنوصيك بتقوى الله، والصبر، واجتناب التزوير، والبعد عنه، وقد ذكرتِ أن إحراز درجات معينة يمكنك من النقل، فاجتهدي في دراستك، وتحقيق تلك الدرجات، وقبل ذلك: عليك بدعاء الله بصدق، ويقين أن ييسر لك الخير، وأن يسهل أمر نقلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني