الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحصول على عمل بشهادة مزورة

السؤال

أنا متزوج، ولدي بنت عمرها أربع سنوات، وبعد حصولي على شهادة بكالوريا دخلت مدرسة خاصة لدراسة شبكات الحاسوب، ودرست السنة الأولى، وكانت مكلفة ماليا، بالنسبة لوالدي، وفي السنة الثانية وقعت مشكلة، فقررت بنفسي أن أخرج من المنزل، ولم أكمل الدراسة، وبعد: 3، أو: 4 سنوات، ورجوعي للمنزل -والحمد لله- أردت أن أرجع للدراسة، فلم يسعفني الحال، فقد كنت أشتغل، ولا أستطيع التفرغ، لكنني أردت أن أحصل على الدبلوم، لأشتغل بشكل رسمي، فذهبت إلى تلك المدرسة السابقة، والتي كنت أعرف أهلها الطيبين، فتفاهمت معهم أن أدفع المال طيلة سنتين، على أن أحضر أوقات الامتحانات فقط، فوافقوا، لأنهم أرادوا مساعدتي، لأنهم كانوا يعلمون عن حالتي السابقة عندما خرجت من المنزل، وفي أوقات الامتحانات كانوا يعطونني الأسئلة لأعدها في المنزل، وأجيب عليها، لكي يساعدوني على أن أمتلك الدبلوم، وفي يوم الامتحان الشفوي كان لدي مشروعي الذي أعددته للمناقشة، حيث كان لي عملي، وجهدي في الموضوع.
والآن ومنذ مدة قصيرة فكرت في مسألة الدبلوم، وخرجت باستنتاج، وهو أنني قمت بالغش، فقطعت الشهادة، فهل ما قمت به صحيح؟ وهل إذا أردت أن أشتغل يمكن استرجاع الشهادة بطلب من أكاديمية التعليم؟ وهل سيكون رزقي حلالا، مع العلم أن رجوعي للدراسة لا يمكن، فليس لدي مال، ولي عائلة، ويجب أن أشتغل؟ أرجو نصائحكم، وتوجيهاتكم.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز الحصول على الشهادة بغير حق، لما في ذلك من الكذب، والغش، والتزوير، والخداع، فقد قال الله تعالى: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ {الحـج:30}.

وفي الصحيحين وغيرهما: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عَدّ شهادة الزور، وقول الزور من أكبر الكبائر، وفي صحيح ابن حبان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من غشنا فليس منا، والمكر، والخداع في النار.

وعلى هذا؛ فتزوير الشهادة لا يجوز، وما قمت به من تقطيع هذه الشهادة المزورة فعل صحيح، إذ لا يجوز استعمالها، وتقديمها للحصول على وظيفة أو إتمام دراسة.

وننصح السائل الكريم أن يسعى للحصول على شهادة حقيقية -إن كان في استطاعته-، أو البحث عن عمل لا يتطلب ما ليس عنده، وأن يتقي الله، ويصبر حتى يجعل الله له مخرجًا، كما قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3}.

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن رُوح القدس نفث في رُوعي أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله، فإن الله لا يدرك ما عنده إلا بطاعته. والحديث صححه الألباني.

وأما المال الذي يأخذه الشخص المزور على عمل: فمن أهل العلم من توقف فيه، ومنهم من قال إن كان العمل الذي يقوم به مباحًا من أصله، ويقوم به على أكمل وجه، فإن ما يأخذه من الأجر على ذلك مقابل عمله لا حرج فيه، وانظر الفتويين: 333715، 333133.

ولكن ينبغي أن يعلم السائل أن كلًا من هذين القولين المشار إليهما آنفًا متفقان على حرمة تقديم شهادة مزورة للحصول على العمل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني