الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية زكاة المال الذي يتاجر به صاحبه ولا يحول عليه الحول

السؤال

رجل له مال بلغ النصاب، لكنه منذ سنوات لم يحل عليه الحول على هيئته كمال.. لتجارته في أكثر من مجال، فمثلا: يجمع ما يعادل خمسين ألف دولار بعد شهر، ويشتري بالمال الذهب، ثم يبيعه بعد مدة، ويشتري بمبيعاته من الذهب إلكترونيات.. فربما يحول الحول، والمال على هيئة نقد، أو سلعة، أو هما معا.. فكيف يزكي؟
وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فتجب الزكاة في مال هذا الرجل بعد مرور حول على بلوغ ماله نصابًا، ولا يتغير الحال إذا اشترى بالنقود، أو ببعضها ذهبًا، أو عروض تجارة كالأجهزة الإلكترونية، أو غيرها، فإنَّ الحول هو حول أصل المال، ولا ينقطع إذا اشتُريت به عروض تجارة، وهو مذهب جمهور الفقهاء، قال ابن قدامة في كتابه المغني: وَإِذَا اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ، بِنِصَابٍ مِنْ الْأَثْمَانِ، أَوْ بِمَا قِيمَتُهُ نِصَابٌ مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ، بَنَى حَوْلَ الثَّانِي عَلَى الْحَوْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ مَالَ التِّجَارَةِ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ الزَّكَاةُ بِقِيمَتِهِ، وَقِيمَتُهُ هِيَ: الْأَثْمَانُ نَفْسُهَا، وَكَمَا إذَا كَانَتْ ظَاهِرَةً فَخَفِيَتْ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ لَهُ نِصَابٌ فَأَقْرَضَهُ، لَمْ يَنْقَطِعْ حَوْلُهُ بِذَلِكَ، وَهَكَذَا الْحُكْمُ إذَا بَاعَ الْعَرْضَ بِنِصَابٍ، أَوْ بِعَرْضٍ قِيمَتُهُ نِصَابٌ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ كَانَتْ خَفِيَّةً فَظَهَرَتْ، أَوْ بَقِيَتْ عَلَى خَفَائِهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ لَهُ قَرْضٌ فَاسْتَوْفَاهُ، أَوْ أَقْرَضَهُ إنْسَانًا آخَرَ، وَلِأَنَّ النَّمَاءَ فِي الْغَالِبِ فِي التِّجَارَةِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّقْلِيبِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يَقْطَعُ الْحَوْلَ لَكَانَ السَّبَبُ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ لِأَجْلِهِ يَمْنَعُهَا؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ إلَّا فِي مَالٍ نَامٍ. انتهى.

وعلى هذا، فإذا مضى حول هجري على بلوغ أصل المال نصابًا، ولم ينقص النقد، أو قيمة البضائع عن النصاب قوَّم التاجر بضاعته، وأضاف إلى قيمتها ما معه من نقدٍ حال عليه الحول، علما بأن ربح التجارة تابع لحول رأس المال، ولا يُستأنف به حول جديد، ثمَّ يخرج الزكاة الواجبة، وهي ربع العشر، وأسهل طريقة لمعرفة ذلك هي أن يقسم التاجر قيمة البضائع السوقية مضافًا إليها النقود المذكورة آنفًا على: 40، ويكون خارج القسمة هو مقدار الزكاة الواجب إخراجه، وهكذا في كل عام، وانظر للفائدة الفتويين: 160703 124873.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني