الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا حرج في فسخ الخطبة لتعنت والد المخطوبة

السؤال

أنا شاب أبلغ من العمر 32 عاما، رزقني الله بمعرفة فتاة تصغرني بسنتين. أعجبت بها وأحببتها؛ فطلبت منها أن تفتح لي السبيل إلى أهلها لأتقدم لها.
ورغم أننا رأينا في بعضنا اختلافات كثيرة إلا أننا اتفقنا أن نتخطاها. ومن ضمنها طريقة زيها، لا أقول إنها كانت متبرجة بالكلية عندما تعرفت عليها، ولكنه لم يكن أفضل زي لامرأة مسلمة.
وقد أحببت أن ارتبط بامرأة مسلمة منذ صغري، ونظراً لنشأتي المتدينة نسبياً. كما أنني أغار على أخواتي وأمي فكيف لا أغار عليها!
وبالتالي بدأنا في رحلة التغيير. كانت صعبة، ولكننا قطعنا شوطا واسعا في هذا الأمر. وهي على خُلُق وتحفظ القرآن، وتحاول تحسين نفسها.
خطيبتي تعمل، وقبل أن أتقدم لها لمَّحت لي، ولمحت لها أنها ستترك العمل إذا لم تدع الظروف أو الضرورة لذلك، حيث إنني ميسور الحال، وأستطيع أن أكفي بيتي واحتياجاته. وكانت في أكثر من مناسبة تلمح لي أنها لن تضطر إلى العمل، وتحمل مشقة الأمر إذا وجدت من يفعل ذلك.
وبالتالي كان هذا المفتاح الذي دفعني إلى أن أخوض رحلة التغيير تلك، وأتقدم لخطبتها، وخوض المغامرة المحفوفة.
ولكن اختلف الكلام بعد فترة من الخطبة، ووجدت أنها متمسكة بالعمل. وبغض النظر عن تقصيرها المحتمل في البيت أم لا الذي أرى أنه شيء حتمي، لكنني أيضا أغار عليها حتى من فكرة ركوب المواصلات والاحتكاك بالأجانب، ولا أستطيع تقبل هذه الفكرة. إلى أن وصل الخلاف إلى والدها، فأخبرني أنني مخطئ من البداية، وأنني لم أكن صريحا، وأنني قد حولت ابنته لشخص آخر لا يعرفه، وأنها أصبحت كالمسنين بالرداء الذي ترتديه، وهو لا يحب هذه الفكرة، ويرى أنها لم تكن ترتدي زيا مخالفا، كالبناطيل الضيقة نسبيا وما إلى ذلك.
يرى أنها كانت على ما يرام، وأنني تسببت في تغيير حالها من وجهة نظره إلى الأسوأ بعد هذا التغيير، وأنه لا يحب ما أفعله، ولكنه يلتزم الصمت لأنها تفعله من أجلي. بالرغم من أنني أخبرتها أن أي شيء من باب التغيير في الخلق أو الدين ليس من أجلي، بل من أجل الله، ونفسها.
أخبرت والدها أن نساء الصحابة والرسول كُنَّ لا يعملن إلا في المنزل وشؤونه. فاخبرني أن هذا زمن ولَّى، وأننا في 2024 ويجب أن أغير طريقة تفكيري.
هل أنا مخطئ لطلبي ألا تعمل لعدم حاجتها للعمل إلا لإثبات ذاتها؟
أنا أرى أن العمل حرام في ظل هذه الظروف.
هل يقع عليَّ ذنب إذا تركتها بعد أن حاولت التغيير بسبب تعنت والدها، وأنه لا يشجع هذا التغيير؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنَّ بقاء المرأة في بيتها أفضل من خروجها للكسب أو غيره، مما لا حاجة لها به.

لكن خروجها للكسب ليس ممنوعا شرعا إذا روعيت الحدود والآداب الشرعية في خروجها وعملها. بل قد يكون خروجها لبعض الأعمال أفضل من بقائها في البيت؛ إذا كان في العمل مصلحة معتبرة.

وراجع الفتويين: 139682، 439894

وإذا لم تشترط المرأة على زوجها في عقد الزواج خروجها للعمل؛ فليس لها الحقّ في الخروج للعمل بغير إذنه.

وإذا اشترطت وقَبِل الزوج، ثم رأى مصلحة الأسرة في تركها العمل؛ فله مطالبتها بترك العمل.

فقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي حول الاختلافات الزوجية، في ما يخص اشتراط العمل:

1ـ يجوز للزوجة أن تشترط في عقد الزواج أن تعمل خارج البيت. فإن رضي الزوج بذلك أُلْزِم به. ويكون الاشتراط عند العقد صراحة.

2ـ يجوز للزوج أن يطلب من الزوجة ترك العمل بعد إذنه به إذا كان الترك في مصلحة الأسرة والأولاد. انتهى.

فإن كنت تريد بقاء زوجتك في البيت، ولا تريد خروجها للعمل؛ فبين لهم ذلك؛ فإن لم يرضوا بذلك؛ فلا حرج عليه في تركها؛ فإنّ فسخ الخطبة للمصلحة مباح.

وراجع الفتوى: 65050

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني