الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
شيخي الفاضل: هذه القصة لأخت لي في الله
أنا امرأة متزوجة متعلمة زوجي موظف أسكن معه في بيت عائلته وهو الوحيد بين أربعة أخوات له.
علاقتنا قوية جداً ومتفاهمين ، حصل ذات يوم أن سُرق من خزانتي مبلغ من المال فلم أبح لزوجي بشيء وكنت أشك بإحدى أخواته فقصصت القصة لجارتنا التي كنت أودها فقالت لي بأن لا أبوح لأحد من أفراد العائلة خوفاً من الحرج والمشاكل ثم بعد فترة انتقلت هذه السيدة جارتنا وحصل بيني وبينها بعض المشاكل فبدأت تبث القصص والراويات إلى أخوات زوجي ووصلت القصة لزوجي أنني في يوم من الأيام قد اتهمت إحدى أخواته فغضب وبدأت المشاكل الزوجية ووصلت الأمور إلى درجة أنه ضربني من أجل أخته واحتدم الخلاف إلى ذلك اليوم الذي كان فيه غاضباً جداً وهو مستلق على ظهره وقال لي بالحرف الواحد إذا كان هذا الكلام صحيحا فأنت طالق00 طالق 00طالق ثلاث مرات ثم بعدها تدخلت أمه وأخواته فندم وتراجع .
أنني أشكو إليكم قصتي على الرغم من أنني لست متأكدة أنني قد حددت لتلك المرأة أن أخته هي التي فعلت هذه الحادثة أم لا وهذه القصة حصلت منذُ ثلاث سنوات .
فهل هذا الطلاق صحيح أم لا وما حكمه؟
ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن اتهام المسلم بمجرد الظن إثم كبير، لقول الحق سبحانه: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ] (الحجرات: 12).

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا، ولا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا.

قال القرطبي في تفسيره بعد أن ذكر هذا الحديث: قال علماؤنا: فالظن هنا وفي الآية هو التهمة، ومحل التحذير والنهي إنما هو تهمة لا سبب لها يوجبها.

وبهذا تعلمين أن ما قمت به من اتهام إحدى أخوات زوجك بالسرقة من غير دليل هو ذنب تجب عليك التوبة منه والاستغفار، والأصل أن يظن المسلم بأخيه المسلم الخير لا الشر، وذلك لأنه في حال الظن به ذلك من غير برهان هو ظلم له وتشويه لسمعته، إضافة إلى ما يحدثه ذلك من العداوة والبغضاء بين الظان والمظنون، وقد يتجاوز ذلك إلى أقاربهم كما هو الحال هنا، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه ولا يحقره. رواه البخاري. هذا فيما يتعلق بحكم الظن.

أما بخصوص ما قال زوجك فهو طلاق معلق على صحة الكلام الذي سمع عنك، فإن كان صحيحا وأنت أعلم بذلك فقد حصل الطلاق، لكن هل يقع بالثلاث كما هو مذهب الجمهور إذا لم يرد التأكيد أو إنما تقع طلقة واحدة كما هو رأي شيخ الإسلام ومن وافقه.

وعلى العموم، فإننا ننصح بالرجوع إلى المحاكم الشرعية في بلدكم، فالمحاكم الشرعية هي التي ينبغي أن ترفع لها مثل هذه القضايا، لأن حكمها يرفع الخلاف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني