الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفصل اليسير بين الصلاة والذكر بعدها لا يضر

السؤال

سؤالي عن أذكار الصلاة هل بعد أن نتم الصلاة ثم نذكر أذكار الصلاة؟ وهل يشترط أن نمكث في نفس المكان ولا نتحرك ولا نتكلم مع أحد حتى نكمل؟ لأني قرأت أن الملائكة تستغفر إلى أن يقوم المصلي أو ينتقض وضوؤه.
وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذكر المأثور بعد الصلاة المكتوبة ينبغي أن يكون متصلا بالصلاة، أو بعد تأخر يسير، أو بسبب نسيان ونحوه، ففي الحديث المتفق عليه في شأن الفقراء الذين اشتكوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كون الأغنياء قد حصلوا على أجور كثيرة أكثر من أجورهم، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين. وفي رواية لمسلم: دبر كل صلاة.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: ومقتضى الحديث أن الذكر المذكور يقال عند الفراغ من الصلاة، فلو تأخر ذلك عن الفراغ، فإن كان يسيرًا بحيث لا يعد معرضًا، أو كان ناسيًا، أو متشاغلًا بما ورد أيضًا بعد الصلاة كآية الكرسي، فلا يضر.

وظاهر قوله صلاة يشمل الفرض والنفل، لكن حمله أكثر العلماء على الفرض وقد وقع في حديث كعب بن عجرة عند مسلم التقييد بالمكتوبة، وكأنهم حملوا المطلقات عليها، وعلى هذا هل يكون التشاغل بعد المكتوبة بالراتبة بعدها فاصلاً بين المكتوبة والذكر أولا محل النظر. والله أعلم. انتهى.

وعليه فالفصل اليسير بين الصلاة والذكر المأثور من كلام ونحوه من كل مالا يعتبر إعراضًا عنه لا يؤثر على ثواب الذكر المذكور. كما أن الانصراف من مكان الصلاة لا تأثير له في ذلك فبإمكان الشخص أن يقول تلك الأذكار في حال مشيه.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح أيضا: وأما الصلاة التي لا يتطوع بعدها فيتشاغل الإمام ومن معه بالذكر المأثور، ولا يتعين له مكان، بل إن شاءوا انصرفوا وذكروا، وإن شاءوا مكثوا وذكروا. انتهى.

ولا شك أن الأفضل في حق المسلم المكث في مصلاه حتى يأتي بتلك الأذكار، وكلما تأخر مكثه هناك، كان ذلك أعظم ثوابًا له، لقوله صلى الله عليه وسلم: الملائكة تصلي على أحدكم مادام في مصلاه الذي صلى فيه مالم يحدث، تقول اللهم اغفر له اللهم ارحمه. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني