الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجب على التاجرأن يسأل المشترين عن مصدر مالهم

السؤال

أنا شاب أبلغ من العمر 25 سنة، وقد تخرجت منذ العام المنقضي 2004 من إحدى الجامعات العليا في الهندسة الإعلامية وتكنولوجيا المعلومات ولا أزال إلى الآن عاطلا عن العمل والقعود عن الكسب والسبب في ذلك هو سبب ديني لأن العادات والتقاليد في بلدنا لا تأبه بمشروعية الكسب أو النظر في حله أو حرمته... وذلك أن البنوك ومكاتب البريد الربوية كثيرة في بلدنا والاختلاط في الشركات والمؤسسات والإدارات كثيرة أيضا والمفاخرة في الكسب والسعي والمكاثرة وحب التفوق على الآخرين منتشرة في التعامل مع بعضنا البعض عندنا مما يوقع العبد المسلم الذي يسعى ليعف نفسه وعرضه ودينه عن الشبهات والمحرمات ما يلبث إلا أن يقع فيها ويتورط فيها ويصير مرائيا بالسعي والكسب فلا ينجو من ألسنة الخلائق الذين يلاحظونه في كل حركة وسكون ولا هو ناج من حساب يوم القيامة... وكان هذا هوالسبب الذي من أجله قعدت عن الكسب وإلى حد الآن أنا محتار كيف سأعيش وسأقتات وأنا مجتهد ليلا ونهارا لطلب الفرج والدعاء من الله باستمرار... ورغم إلحاح الوالدين على وجوب الخروج للسعي إلا أنني أعارضهما فيتهموني وغيرهم بأنني عاق للوالدين... فيزيد ذلك علي هما على غم... وإذا أردتم أن أحكي لكم باختصار ما عندنا ، فمن يعمل في الشركات والمؤسسات وغيرها لا بد وأن يقع فريسة للاختلاط والتبرج المحرم فضلا على انتشار الربا واختلاط المال المحرم مع الرواتب الشهرية للعاملين أو الموظفين... ناهيك على أن في الشركات أو المؤسسات التي تعمل فيها قد تتعرض لرفقة الفسقة الذين يشربون الخمر في سهر وسمر ليلي... أو النزاعات التي تقع بين الموظفين في الشركات بسبب التسلط عليهم في العمل وحرمانهم من حقهم في الأجور وانتقاص حقوقهم في التقاعد وطلب العطلة المؤقتة للراحة... وأضف الى هذا أن كل الشركات والمؤسسات التي قد أعمل فيها تتعامل بشكل وثيق مع البنوك الربوية عن طريق الأداءات والضرائب والفوائد... فالأداء هو زيادة في القيمة الأصلية للبضاعة بنسبة مئوية تحددها الشركة القابضة للمال ومن ثم يضاف هذا المال الإجمالي في قائمة الربح... فتصير التجارة عندنا في أي مجال كان سواء في الإعلامية أو تجارة الحواسيب أو غيرها من ضروريات المعاش ربوبية لا شك فيها... وأما الفوائد فأنكم تعلمونها وتعلمون أن كل البنوك ومكاتب البريد لا تخلو من الربا وذلك عن طريق الزيادات الشهرية والسنوية وعن طريق القروض البنكية... وحتى أجد حلا لوضعي وحالي... نظرت في وجوب إنشاء مشروع تجاري إلا أنني أشك في شرعية الأموال التي سأقبضها من الحرفاء والزبائن مقابل بيع البضاعة التي سأسددها لهم ،عن الطلب والأسئلة التي تجول في خاطري هي: هل أن المال الذي سأقبضه من الحرفاء والزبائن في هذه الحال وسواء كان الحرفاء والزبائن أشخاصا عاديين أو شركات أو مؤسسات وأنا هذا المال لا أعلم شرعيته باعتباره قد يكون قد صدر من شركات تتعامل مع بنوك ربوية... فهل يكون هذا المال حلالا علي أم حراما... إذا اكتسب بهذه التجارة وبهذا المشروع التجاري الذي سأنجزه بعد أن أستلم الرد منكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان أصل عملك مباحاً شرعاً فإنه لا يضرك من أين يكتسب من يشتري منك المال، سواء كان هذا المشتري شخصاً عادياً أو مؤسسة تجارية أو غيرها، ولا يلزمك أن تسألهم من أين لكم هذه الأموال.

ويدل على ما تقدم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم كانوا يعاملون اليهود في المدينة بالبيع والشراء ولا يتحرجون من ذلك، مع أن الله جل وعلا أخبر عن اليهود أنهم يأكلون الربا والسحت، كما قال الله تعالى: وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ {النساء:161}.

فالذي ننصحك به أن تتوكل على الله تعالى وتبدأ في مشروعك التجاري بعد أن تدرس جدواه وتحيط به من جميع جوانبه عسى الله أن يغنيك بحلاله عن حرامه وأن يبارك في تجارتك، واعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني