الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
25 - الصلاة على الجنازة في المسجد

7676 - أخبرنا أبو سعيد قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك، عن أبي النضر، مولى عمر بن عبيد الله، عن عائشة أم المؤمنين، أنها قالت: "ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل ابن بيضاء إلا في المسجد" .

[ ص: 317 ] 7677 - قال الربيع: فقلت للشافعي: فإنا نكره الصلاة على الميت في المسجد.

7678 - فقال الشافعي: أرويتم هذا ورويتم أنه، صلى على عمر في المسجد، فكيف كرهتم الأمر به؟.

7679 - وبسط الكلام في هذا إلى أن قال: وهذا عندكم عمل مجتمع عليه لأنا لا نرى من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحدا حضر موت عمر فتخلف عن جنازته فتركتم هذا لغير شيء.

7680 - قال أحمد: حديث مالك، عن أبي النضر، مرسل، وإنما أورده إلزاما لمالك، والحديث ثابت موصول من وجه آخر، عن أبي النضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة لما توفي سعد بن أبي وقاص قالت: ادخلوا به المسجد حتى أصلي عليه، فأنكر ذلك عليها، فقالت: "والله لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابني بيضاء في المسجد، سهيل، وأخيه" .

[ ص: 318 ] 7681 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال: أخبرنا أحمد بن سلمة قال: حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا ابن أبي فديك قال: أخبرنا الضحاك بن عثمان، عن أبي النضر، عن أبي سلمة، فذكره. رواه مسلم في الصحيح، عن محمد بن رافع.

7682 - وأما حديث عمر: فأخبرناه أبو نصر بن قتادة قال: أخبرنا أبو عمرو إسماعيل بن نجيد قال: حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله قال: حدثنا أبو عاصم النبيل قال: حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "صلي عليه في المسجد".

7683 - قال أحمد: وقد ظلم من عارض ما ذكرنا من الحديث الصحيح بالحديث الذي أخبرناه أبو بكر بن فورك قال: حدثنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يونس بن حبيب قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوءمة، عن أبي هريرة: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له".

7684 - وقد رواه الشافعي في كتاب حرملة، عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب في كتاب حرملة [ ص: 319 ] قال أحمد: " فمشهور عند أهل العلم بالحديث: أن صالحا مولى التوءمة تغير في آخر عمره ".

7685 - وسأل بشر بن عمر الزهراني: مالك بن أنس عن صالح، مولى التوءمة فقال: لم يكن ثقة.

7686 - وقرأت في كتاب العلل، عن أبي عيسى الترمذي، فيما سأله عنه محمد بن إسماعيل البخاري قال: كان أحمد بن حنبل يقول: من سمع من، صالح قديما فسماعه حسن، ومن سمع منه، أخيرا كأنه يضعف سماعه .

[ ص: 320 ] 7687 - قال محمد: وابن أبي ذئب: سماعه منه أخيرا يروى عنه مناكير.

7688 - قال أحمد البيهقي: "وهذا الحديث مما يعد في أفراده".

7689 - ولو كان عند أبي هريرة نسخ ما روته عائشة لذكره يوم صلى على أبي بكر الصديق رضي الله عنه في المسجد، أو يوم صلى على عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسجد، ولذكره من أنكر على عائشة أمرها بإدخاله المسجد، أو ذكره أبو هريرة حين روت فيه الخبر.

7690 - وإنما أنكره من لم يكن له معرفة بالجواز، فلما روت فيه الخبر سكتوا ولم ينكروه ولا عارضوه بغيره".

7691 - والذي يدل على صحة ما قلنا: ما أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: حدثنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا ابن عثمان يعني عبدان قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا موسى بن عقبة قال: حدثني عبد الواحد بن حمزة أن عباد بن عبد الله بن الزبير أخبره [ ص: 321 ] أن عائشة وبعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمرن بجنازة سعد بن مالك أن يمر بها عليهن، فمر به في المسجد، فجعل يوقف على الحجر فيصلين عليه، ثم بلغ عائشة أن بعض الناس عاب ذلك، وقال: هذه بدعة، ما كانت الجنازة تدخل المسجد فقالت: "ما أسرع الناس إلى أن يعيبوا ما لا علم لهم به، عابوا علينا أن دعونا بجنازة سعد تدخل المسجد، وما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل ابن بيضاء إلا في جوف المسجد" أخرجه مسلم في الصحيح من حديث وهيب، عن موسى بن عقبة.

7692 - وفيه دليل على أن عائشة ومن بقي من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كلهن أمرن بذلك، وأن من عاب ذلك لم يكن له علم أكثر من أنه لم ير الناس يصنعون ذلك، وحين روت الخبر لم يحتج عليها أحد بالنسخ، وترك المباح مدة لا يدل على النسخ من غير رواية ممن تركه أو من غيرهم، وليس في الخبر أن بعض الصحابة أنكر ذلك، وحين توفي سعد، كان قد ذهب أكثر الصحابة، ولو كان بعض الصحابة كان محجوجا بما روته كما صار غيره محجوجا به، والله أعلم.

[ ص: 322 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية