الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

                                                                                                                                                                    البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    61 - ذكر إبراهيم الخليل وإسماعيل وإسحاق - عليهم السلام -

                                                                                                                                                                    [ 6520 / 1 ] قال أبو داود الطيالسي : ثنا حماد بن سلمة ، عن أبي عاصم الغنوي، عن أبي الطفيل قال: "قلت لابن عباس رضي الله عنهما - : يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف على بعير بالبيت وأن ذلك سنة؟ قال: صدقوا وكذبوا. قلت: ما صدقوا وكذبوا؟ قال: طاف على بعير وليس بسنة، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يصرف الناس عنه ولا يدفع، فطاف على بعير كي يسمعوا كلامه، ولا تناله أيديهم. قلت: يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رمل بالبيت وأن ذلك سنة؟ فقال: صدقوا وكذبوا. قلت: ما صدقوا وكذبوا؟ قال: صدقوا قد رمل وكذبوا ليست بسنة، إن قريشا قالت: دعوا محمدا وأصحابه حتى يموتوا بموت النغف. فلما صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يجيئوا من العام المقبل فيقيموا بمكة ثلاثة أيام، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والمشركون من قبل قعيقعان قال لأصحابه: ارملوا، وليس بسنة. قلت: يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سعى بين الصفا والمروة وأن ذلك سنة؟ قال: صدقوا، إن إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - لما أري المناسك عرض له شيطان عند المسعى، فسابقه فسبقه إبراهيم - عليه السلام - ثم انطلق به جبريل - عليه السلام - حتى أتى به منى فقال: مناخ الناس هذا، ثم انتهى إلى جمرة العقبة، فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات، حتى ذهب إلى جمرة الوسطى، فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات، حتى ذهب، ثم أتى جمرة القصوى فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب، ثم أتى به جمعا فقال: هذا المشعر الحرام. ثم أتى به عرفة. فقال: هذه عرفة. قال ابن عباس: أتدري لم سميت عرفة؟ [ ص: 138 ] قال: لا. قال له: لأن جبريل - عليه السلام - قال له: أعرفت. قال ابن عباس: أتدري لم كانت التلبية؟ قال: لا. قال: إن إبراهيم - عليه السلام - لما أمر أن يؤذن في الناس بالحج أمرت الجبال فخفضت رؤوسها ورفعت له القرى فأذن في الناس بالحج".

                                                                                                                                                                    [ 6520 / 2 ] رواه الحميدي: ثنا سفيان، ثنا ابن أبي حسين وفطر أنهما سمعا أبا الطفيل يقول... فذكر بالإسناد قصة الرمل بالبيت وبين الصفا والمروة حسب.

                                                                                                                                                                    [ 6520 / 3 ] ورواه أحمد بن منيع : ثنا سريج بن النعمان، ثنا حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب، عن سعيد، عن ابن عباس : "أن جبريل - عليه السلام - ذهب بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى جمرة العقبة فعرض له شيطان فرماه بسبع حصيات فساخ، ثم أتى جمرة الوسطى فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ".

                                                                                                                                                                    وقد تقدم في باب سبب رمي الجمار.

                                                                                                                                                                    [ 6520 / 4 ] ورواه أحمد بن حنبل : ثنا سريج ويونس قالا: ثنا حماد بن سلمة ، عن أبي عاصم الغنوي، عن أبي الطفيل قال: "قلت لابن عباس : يزعم قومك أن النبي صلى الله عليه وسلم رمل بالبيت..." فذكر الحديث إلى أن قال: "قلت له: يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سعى بين الصفا والمروة وأن ذلك سنة؟ قال: صدقوا. قال: إن إبراهيم - عليه السلام - لما أمر بالمناسك عرض له الشيطان عند السعي، فسابقه إبراهيم - عليه السلام - ، ثم ذهب به جبريل إلى جمرة العقبة، فعرض له شيطان - قال يونس: الشيطان - فرماه بسبع حصيات حتى ذهب، ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات قال: قد تله للجبين - قال يونس: وثم تله للجبين - وعلى إسماعيل قميص أبيض فقال: يا أبة، إنه ليس ثوب تكفني فيه غيره فاخلعه حتى تكفني فيه. فعالجه فخلعه فنودي من خلفه ( أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا ) فالتفت إبراهيم، فإذا هو بكبش أبيض أقرن أعين - قال ابن عباس: لقد رأيتنا نتبع ذلك الضرب من الكباش - . قال: ثم ذهب به جبريل - عليه السلام - إلى الجمرة القصوى، فعرض له الشيطان، فرماه بسبع حصيات حتى ذهب، ثم ذهب به جبريل - عليه السلام - إلى منى، قال: هذا منى - قال يونس: هذا مناخ الناس - ثم أتى به جمعا فقال: هذا المشعر الحرام. ثم ذهب به إلى عرفة. قال ابن عباس: [ ص: 139 ] تدري لم سميت عرفة؟ قلت: لا. قال: إن جبريل - عليه السلام - قال لإبراهيم - عليه السلام - : عرفت - قال يونس: هل عرفت؟ - قال: نعم. قال ابن عباس: فمن ثم سميت عرفة. قال: هل تدري كيف كانت التلبية؟ قال: وكيف كانت؟ قال: إن إبراهيم - عليه السلام - لما أمر أن يؤذن في الناس بالحج خفضت له الجبال رؤوسها ورفعت له القرى، فأذن في الناس بالحج".

                                                                                                                                                                    [ 6520 / 5 ] قال: وثنا يونس، ثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن جبريل ذهب بإبراهيم - عليه السلام - إلى جمرة العقبة، فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ، ثم أتى به الجمرة الوسطى، فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ، ثم أتى به الجمرة القصوى، فرماه بسبع حصيات فساخ، فلما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه: يا أبة، أوثقني لا أضطرب فينتضح عليك دمي إذا ذبحتني؛ فشده. فلما أخذ الشفرة وأراد أن يذبحه فنودي من خلفه ( أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا ) ".

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية