فصل
المشهد الحادي عشر : وهو أجل المشاهد وأرفعها . فإذا امتلأ قلبه بمحبة الله ، والإخلاص له ومعاملته ، وإيثار مرضاته ، والتقرب إليه ، وقرة العين به ، والأنس به ، واطمأن إليه . وسكن إليه . واشتاق إلى لقائه ، واتخذه وليا دون من سواه ، بحيث فوض إليه أموره كلها . ورضي به وبأقضيته . وفني بحبه وخوفه ورجائه وذكره والتوكل عليه ، عن كل ما سواه : فإنه لا يبقى في قلبه متسع لشهود أذى الناس له ألبتة . فضلا عن أن يشتغل قلبه وفكره وسره بتطلب الانتقام والمقابلة . فهذا لا يكون إلا من قلب ليس فيه ما يغنيه عن ذلك ويعوضه منه . فهو قلب جائع غير شبعان . فإذا رأى أي طعام رآه هفت إليه نوازعه . وانبعثت إليه دواعيه . وأما من امتلأ قلبه بأعلى الأغذية وأشرفها : فإنه لا يلتفت إلى ما دونها . وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء . والله ذو الفضل العظيم . مشهد التوحيد