ذكر البريدي وفاة أبي عبد الله
وفيها في شوال مات أبو عبد الله البريدي بعد أن قتل أخاه بثمانية أشهر بحمى حادة ، واستقر في الأمر بعده أخوه أبو الحسين ، فأساء السيرة إلى الأجناد ، فثاروا به ليقتلوه ويجعلوه أبا القاسم ابن أخيه أبي عبد الله مكانه ، فهرب منهم إلى هجر ، واستجار بالقرامطة فأعانوه ، وسار معه إخوان في جيش إلى لأبي طاهر القرمطي البصرة ، فرأوا أبا القاسم قد حفظها ، فردهم عنها ، فحصروه مدة ثم ضجروا وأصلحوا بينه وبين عمه وعادوا ، ودخل أبو الحسين البصرة ، فتجهز منها ، وسار إلى بغداذ فدخل على توزون .
ثم طمع يأنس مولى أبي عبد الله البريدي في التقدم ، فواطأ قائدا من قواد الديلم على أن تكون الرئاسة بينهما ، ويزيلا أبا القاسم مولاه ، فاجتمعت الديلم عند ذلك القائد ، فأرسل أبو القاسم إليهم يأنس ، وهو لا يشعر بالأمر ، فلما أتاهم يأنس ، أشار عليهم بالتوقف ، فطمع فيه ذلك القائد الديلمي ، وأحب التفرد بالرئاسة ، فأمر به فضرب بزوبين في ظهره فجرح ، وهرب يأنس واختفى .
ثم إن الديلم اختلفت كلمتهم فتفرقوا ، واختفى ذلك القائد ، فأخذ ونفي ، وأمر أبو القاسم البريدي بمعالجة يأنس ، وقد ظهر له حاله ، فعولج حتى برأ ، ثم قبض عليه أبو القاسم بعد نيف وأربعين يوما ، وصادره على مائة ألف دينار ، وقتله ، واستقام أمر أبي القاسم إلى أن أتاه أمر الله على ما نذكره .