( 5 )
بل إن المرء، يستطيع أن يلمس، تعاسة الحياة الغربية، التي تتحرك على سطح الأشياء، والتي تفتقد أيما عمق روحي، في احتجاج الغربيين أنفسهم: مفكرين، وفلاسفة، وأدباء، وعلماء اجتماع، وأخلاق، وساسة، وفنانين، وإعلاميين، وقادة أحزاب، وجمعيات.. احتجاجهم على هـذا التوجه الأحادي، في صيرورة الحضارة الغربية، ومناداتهم بالبديل، وقيامهم بمحاولات دائبة للعثور عليه.. ترى، هـل سيقدر لهم النجاح؟ كلا، في أغلب الظن.. ذلك أنهم يسعون، إلى ولوج الدور، من غير أبوابها، ولكونهم لا يملكون المفتاح. و يتساءل المرء: ماذا لو اجتمع البعدان، الأفقي، والعمقي، في هـندسة الحياة؟ ألم يكن الإسلام، ذلك الدين القيم، قد دعا إلى هـذا الوفاق المفقود؟ ألم يكن قد قدم برنامج عمل، لتنفيذه في واقع الحياة؟ بل، ألم يكن تاريخ الأمة التي انتمت إليه، في عصور التزامها، وتألقها، وإبداعها، انعكاسا صادقا، للقاء القطبين، في حياة متوازنة، سعيدة، سخية العطاء، يلتقي فيها، ويتعاشق، الأفقي والعمقي معا؟ فماذا لو حاول أولئك المفكرون، والفلاسفة، والأدباء، والزعماء، المحتجون على انحراف، وتسطح الحياة الغربية، دخول الدور من أبوابها؟ أليس هـذا الدخول المشروع، ذو النتائج المضمونة، هـو لصالحهم، وصالح مستقبلهم الحضاري، قبل أي طرف آخر؟! [ ص: 42 ]