الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكتبة الإسلامية

الرئيسية
المكتبة الإسلامية

تفسير الألوسي

الألوسي - محمود شهاب الدين أبو الثناء الألوسي

صفحة

جزء

الله الذي سخر لكم البحر بأن جعله أملس السطح يطفو عليه ما يتخلخل كالأخشاب ولا يمنع الغوص فيه لتجري الفلك فيه بأمره بتسخيره تعالى إياه وتسهيل استعمالها فيما يراد بها، وقيل: بتكوينه تعالى أو بإذنه عز وجل، وسياق الامتنان يقتضي أن يكون المعنى لتجري الفلك فيه وأنتم راكبوها.

ولتبتغوا من فضله بالتجارة والغوص والصيد وغيرها ولعلكم تشكرون ولكي تشكروا النعم المترتبة على ذلك، وهذا أعني الله الذي سخر إلخ ذكر تتميما للتقريع ولهذا رتب عليه الأغراض العاجلة فإنه مما يستوجب الشكر غالبا للكافر أيضا فكأنه قيل: تلك الآيات أولى بالشكر ولهذا عقب بما يعم القسمين أعني

اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ بِأَنْ جَعَلَهُ أَمْلَسَ اَلسَّطْحِ يَطْفُو عَلَيْهِ مَا يَتَخَلْخَلُ كَالْأَخْشَابِ وَلَا يَمْنَعُ اَلْغَوْصَ فِيهِ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ بِتَسْخِيرِهِ تَعَالَى إِيَّاهُ وَتَسْهِيلِ اِسْتِعْمَالِهَا فِيمَا يُرَادُ بِهَا، وَقِيلَ: بِتَكْوِينِهِ تَعَالَى أَوْ بِإِذْنِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَسِيَاقُ اَلِامْتِنَانِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ اَلْمَعْنَى لِتَجْرِيَ اَلْفُلْكُ فِيهِ وَأَنْتُمْ رَاكِبُوهَا.

وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ بِالتِّجَارَةِ وَالْغَوْصِ وَالصَّيْدِ وَغَيْرِهَا وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَلِكَيْ تَشْكُرُوا اَلنِّعَمَ اَلْمُتَرَتِّبَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا أَعْنِي اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ إِلَخْ ذُكِرَ تَتْمِيمًا لِلتَّقْرِيعِ وَلِهَذَا رُتِّبَ عَلَيْهِ اَلْأَغْرَاضُ اَلْعَاجِلَةُ فَإِنَّهُ مِمَّا يَسْتَوْجِبُ اَلشُّكْرَ غَالِبًا لِلْكَافِرِ أَيْضًا فَكَأَنَّهُ قِيلَ: تِلْكَ اَلْآيَاتُ أَوْلَى بِالشُّكْرِ وَلِهَذَا عَقَّبَ بِمَا يَعُمُّ اَلْقِسْمَيْنِ أَعْنِي