الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
267 - " احفظوني في أصحابي؛ وأصهاري؛ فمن حفظني فيهم حفظه الله في الدنيا؛ والآخرة؛ ومن لم يحفظني فيهم تخلى الله عنه؛ ومن تخلى الله عنه أوشك أن يأخذه " ؛ البغوي ؛ (طب)؛ وأبو نعيم ؛ في المعرفة؛ وابن عساكر ؛ عن عياض الأنصاري.

التالي السابق


(احفظوني في أصحابي) ؛ أي: راعوا حرمتي؛ وارقبوني فيهم؛ واقدروهم حق قدرهم؛ وكفوا ألسنتكم عن غمطهم؛ أو الوقيعة فيهم بلوم؛ أو تعنيف؛ لبذلهم نفوسهم؛ وإطراحها بين يدي الله (تعالى) في الحروب؛ وقتالهم القريب؛ والبعيد؛ في ذات الله؛ وبذلهم أموالهم؛ وخروجهم من ديارهم؛ وصبرهم على البلاء؛ والجهد؛ الذي لا يطيقه غيرهم؛ وليس ذلك إلا عن أمر عظيم؛ ملك البواطن؛ وصرفها على حكم محبة الله؛ ومحبة رسوله؛ فاستوجبوا بذلك الرعاية وكمال العناية؛ والإضافة للتشريف؛ (وأصهاري) ؛ جمع " صهر" ؛ وهو ما كان من خلطة تشبه القرابة؛ يحدثها التزويج؛ قال الزمخشري : " فلان صهر فلان" ؛ لمن يتزوج بنته؛ وقد يقال لأهل بيت الزوجين معا: " أصهار" ؛ انتهى؛ وقال ابن السكيت : من كان من قبل الزوج أحماء؛ ومن قبل المرأة أختان؛ ويجمع الصنفين " الأصهار" ؛ والمتعارف من أصهاره آباء زوجاته؛ كالعمرين؛ وأزواج بناته؛ كعلي؛ وعثمان ؛ وأقارب زوجاته؛ (فمن حفظني فيهم) ؛ أي: راعاني فيهم؛ بإكرامهم؛ وحسن الأدب معهم؛ (حفظه الله) ؛ دعاء؛ أو خبر؛ (في الدنيا؛ والآخرة) ؛ أي: منعه من كل ضر وضير فيهما؛ قال الراغب : يعبر بالدار الآخرة عن النشأة الثانية؛ كما يعبر بالدار الدنيا عن النشأة الأولى؛ وربما ترك ذكر الدار؛ كما هنا؛ وقد توصف الدار بـ " الآخرة" ؛ تارة؛ وتضاف إليها تارة؛ نحو: وللدار الآخرة خير للذين يتقون ؛ تقديره: دار الحياة الآخرة؛ (ومن لم يحفظني فيهم) ؛ بما ذكر؛ (تخلى الله) ؛ أي: أعرض؛ (عنه) ؛ وتركه في غيه يتردد؛ وهذا أيضا يحتمل الدعاء؛ والخبر؛ وأيا ما كان؛ فيا لها من شقاوة! كيف [لا]؛ (ومن تخلى الله عنه أوشك) ؛ أي: أسرع؛ وفي نسخ: " يوشك" ؛ وهو تحريف من النساخ؛ فإن الأول هو كما في مسودة المؤلف؛ بخطه؛ (أن يأخذه) ؛ أخذ عزيز مقتدر؟! وهذا وعيد شديد لمن لم يحفظه فيهم؛ وتحذير بليغ من تعجيل العقوبة له؛ وأن ذلك من أفظع الكبائر؛ وأشنع الجرائم؛ قال الحافظ الزرندي: لم يكن من العلماء المجتهدين والأئمة المهتدين إلا وله في ولاية أهل البيت الحظ الوافر؛ والفخر الزاهر؛ كما أخبر الله بقوله: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى

(طب؛ وأبو نعيم ؛ في) ؛ كتاب (المعرفة) ؛ أي: معرفة الصحابة؛ ( وابن عساكر ) ؛ في تاريخه؛ وكذا الديلمي ؛ (عن عياض) ؛ بكسر أوله؛ ومثناة تحت مخففة؛ فمعجمة؛ (الأنصاري) ؛ له صحبة؛ قال الهيتمي: وفيه ضعفاء؛ وقد وثقوا؛ وقال شيخه العراقي: سنده ضعيف.



الخدمات العلمية