الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في الاستلحاق

                                                                                                                                                                                        قال محمد بن مسلمة: لا يستلحق إلا الأب وحده ولا يستلحق ابن ولا جد ولا أخ.

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون في كتاب ابنه: ما علمت بين الناس اختلافا أنه لا يجوز للرجل أن يقر بابن ابن ولا بابن ابنة ولا بشيء من ولد الولد، ذكورهم ولا من إناثهم، ولا يثبت نسبه مع وارث معروف ولا غير معروف.

                                                                                                                                                                                        وإقرار الجد بولد الولد على وجهين:

                                                                                                                                                                                        أحدهما: أن يستلحق فراش نفسه.

                                                                                                                                                                                        والثاني: أن يستلحق فراش ابنه، فإن قال أب: "هذا ولدي" صدق، وإن قال: "هذا ابن ولدي" لم يصدق. وقوله: "أبو هذا ولدي" مقبول؛ لأنه إنما استلحق فراش نفسه، ولو كان الطفل لا يعرف له أب، فقال: "هذا ابن ولدي فلان" لم يقبل قوله؛ لأنه إنما ألحقه بفراش ابنه، وإلى هذا ذهب سحنون في كتاب ابنه، وقال: إنما يجوز لو باع عبدا لم يجره نسب فولد للعبد عند المشتري ولد، ثم توفي العبد وترك مالا عظيما، ثم قال البائع: إن الميت ابني وإن [ ص: 4131 ] هؤلاء ولد ولدي، فإنه يلحق الولد بالجد وإنهم بنو ابنه ويرث معهم، قال: وإن كان الولد من زوجة، فإن كانت حرة رجع ولاؤهم إلى أبيهم وإن كانت الزوجة أمة لقوم كانوا عبيدا، وإن كان الولد من أمة للميت في حين كان عبدا عند مشتريه كانت الأم بذلك حرة يجري لها من الحرية ما يجري لأم الولد إذا مات عنها سيدها.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه: وإن قال رجل لرجل: هذا أخي، فإن كان للمقر أخ ثابت النسب أو عم أو ابن عم -كان المال للثابت النسب وإن بعد، دون الأخ المقر له، وإن كان أقرب نسبا على إقرار الميت.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا لم يكن له نسب ثابت يرثه، فقيل: المال لبيت المال، ولا شيء للمقر له. وقيل: المقر له أولى. وهو أحسن إذا أشكل الحال ولم يتبين كذبه، مثل أن يكونا طارئين، أو يكون المصر الكبير وكان مثل ذلك يخفى فيه، أو كانت بينة ولم تعدل، وهم داخلون في النسبة وما أشبه ذلك، فيكون المقر له أحق من بيت المال لوجهين:

                                                                                                                                                                                        أحدهما: أن له بذلك شبهة، فهو أولى ممن لا شبهة له.

                                                                                                                                                                                        والثاني: أنه اختلف هل للميت إذا لم يكن له وارث أن يوصي بماله كله؟ فإن تبين كذبه أو كان مثل ذلك مما لا يخفى لم يعط إلا على القول بأن له أن يوصي له به، وقد يستخف ذلك إذا كان المال قليلا والمقر له فقيرا، ولو كان [ ص: 4132 ] الإقرار في الصحة وطالت المدة وهما على ذلك الحال يقول كل واحد منهما للآخر: أخي، أو يقول: هذا عمي ويقول الآخر: ابن أخي، ومرت على ذلك السنون، ولا أحد يدعي بطلان ذلك، لكان ذلك حوزا.

                                                                                                                                                                                        وإذا حضرت الوفاة رجلا فأقر بأخ وله أخت ثابتة النسب، فإن الأخت تأخذ النصف، ثم يختلف في الباقي هل يكون المقر له أولى به أو بيت المال؟

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية