فصل [في ما إذا تجر المودع في وديعة لنفسه]
وإن نوى أن يكون تجره فيها لهما، كان لشريكه نصيبه من الربح; لأنه لا يختار إلا الإجازة، ولا شيء عليه من الوضيعة; لأنه لا يرضى بإجازة تجره لهما. وإن تجر المودع في وديعة لنفسه، لم يدخل شريكه في ربحها،
وإن تجر فيها برضا شريكه، كان فيها قولان: فقال ابن القاسم: الربح بينهما والوضيعة عليهما وإن لم يعمل معه. وقال غيره: إن عمل كان ضامنا ولا شيء له من الربح وله على شريكه الأجرة، وإن رضي ولم يعمل لم يضمن وله الربح يأخذه ما لم يفت العامل بالوديعة أو يفلس، قال: بمنزلة من قال لرجل: لك نصف ما أربح في هذه السلعة. فجعله سلفا صحيحا لما تقدمت الشركة وانعقدت بوجه صحيح استخف أن يسلف أحدهما الآخر ليتجرا جميعا. ابن القاسم
وقد أجاز أن يخرج أحد الشريكين مائتي دينار والآخر مائة ليتجرا فيها نصفين إذا كان ذلك من صاحب المائتين لصداقة بينهما أو معروف. [ ص: 4851 ] مالك
وكذلك إذا تقدم الشركة استخف مثل ذلك، وأجرى غيره الجواب فيها بمنزلتهما لو لم يشتركا أنه لا يجوز لأحدهما أن يخرج مالا فيسلف نصفه ليكونا شريكين فيه; لأن السلف في الوديعة والمنع بيد المودع فهو المسلف لصاحبه، فإن كان ربح، كان للمودع وعليه الأجرة كما تقدم في أول الكتاب إذا أخرج أحدهما مائتين والآخر مائة، وإن كان فيها خسارة، كان الضمان على المودع إن كان موسرا، وإن كان معسرا ضمن الثاني نصفها; لأن السلف الأول كان لوجه جائز، فمع اليسر لا يضمن الشريك لشريكه شيئا; لأنه أذن له، ومع العسر مقال العامل مع المستحق; لأنه لم يأذن له أن يدخل يده فيها، وإذا لم يعمل فيها لم يضمن; لأنه كان قراضا فاسدا ولم يعمل به، فينبغي ألا يكون له شيء من الربح; لأن المودع لم يرض أن يكون له شيء من الربح إلا ليكون الأصل سلفا عنده ويكون ضامنا، وإذا لم يصح الضمان لم يكن له الربح.
برئ إذا صدقه. وإذا استودع أحد الشريكين فردها المودع على الشريك الآخر
ويختلف فيه إذا كذبه، فقال ابن القاسم: يضمن. وعلى قول القول قول المودع أنه ردها إلى شريكه مع يمينه ويبرأ. عبد الملك
وإن استودع رجل أحد المتفاوضين أو الشريكين وديعة، لم يكن له أن [ ص: 4852 ] يجعلها عند صاحبه، فإن فعل ضمن; لأن صاحبها إنما رضي أمانة من دفع إليه.