الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في وجوب العمرة ووقتها

                                                                                                                                                                                        العمرة عند مالك سنة . وقال ابن الجهم وابن حبيب : واجبة كوجوب الحج .

                                                                                                                                                                                        والأول أحسن ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت" . ولم يقل ، ست ، وفرض الحج من آخر ما نزل ، ومعنى قول الله تعالى : وأتموا الحج والعمرة لله [البقرة : 196] أمر لمن دخل فيهما بالإتمام . وقيل : أمر من أتى بعمرة أن يرجع إلى بلده ، ثم يأتنف السفر للحج . وكلا التأويلين لا يقتضي وجوب العمرة ، ولا تدخل العمرة في عموم الأمر بالحج ؛ لأن هذين قد لزم كل واحد منهما اسم يختص به ، قال الله تعالى : وأتموا الحج والعمرة لله فلم يشرك العمرة بالاسم مع الحج .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك : العمرة في السنة مرة ، ولو اعتمر لزمه . وقال مطرف في كتاب ابن حبيب : لا بأس بالعمرة في السنة مرارا . وقال محمد بن المواز : أرجو ألا يكون به بأس ، وقد اعتمرت عائشة - رضي الله عنها - عمرتين في شهر . [ ص: 1254 ]

                                                                                                                                                                                        ولا أرى أن يمنع أحد من أن يتقرب إلى الله تعالى بشيء من الطاعات ، ولا من الازدياد في الخير في موضع لم يأت بالمنع منه نص .

                                                                                                                                                                                        والوقت الذي يؤتى بها فيه على وجهين ، فمن لم يتقدم له حج ، ولا يريده في ذلك العام فيعتمر من السنة أي وقت أحب ، وفي أشهر الحج وأيامه ويوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق ، ويكون الناس في الوقوف بعرفة وهو يعمل عمل العمرة . وأما من حج فلا يعتمر حتى تغيب الشمس من آخر أيام التشريق . قال : وإن تعجل في يومين فلا يحرم بعمرة . وإن فعل لم تنعقد .

                                                                                                                                                                                        قال ابن القاسم : إلا أن يحرم في آخر أيام التشريق بعد الرمي فيلزمه قال محمد : يلزمه الإحرام ، ولا يحل في آخر أيام التشريق حتى تغرب الشمس ، وإحلاله قبل ذلك باطل . قال : وإن وطئ قبل ذلك أفسد عمرته ، وقضاها ، وأهدى . والقياس إذا انحل الإحرام للحج أن ينعقد الإحرام للعمرة ، ويصح عملها . [ ص: 1255 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية