الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الرخصة الخامسة التنفل راكبا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته أينما توجهت به دابته .

وأوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الراحلة .

وليس على المتنفل الراكب في الركوع والسجود إلا الإيماء .

وينبغي أن يجعل سجوده أخفض من ركوعه ولا يلزمه الانحناء إلى حد يتعرض به لخطر بسبب الدابة .

فإن كان في مرقد فليتم الركوع والسجود فإنه قادر عليه .

وأما استقبال القبلة فلا يجب لا في ابتداء الصلاة ولا في دوامها ولكن صوب الطريق يدل عن القبلة .

، فليكن في جميع صلاته إما مستقبلا للقبلة أو متوجها في صوب الطريق لتكون له جهة يثبت فيها فلو حرف دابته عن الطريق قصدا بطلت صلاته إلا إذا حرفها إلى القبلة .

ولو حرفها ناسيا وقصر الزمان لم تبطل صلاته ، وإن طال ففيه خلاف وإن جمحت به الدابة فانحرفت لم تبطل صلاته لأن ذلك مما يكثر وقوعه وليس عليه سجود سهو إذ الجماح غير منسوب إليه بخلاف ما لو حرف ناسيا فإنه يسجد للسهو بالإيماء .

التالي السابق


(الرخصة الخامسة النفل راكبا) على الراحلة سائرا إلى جهة مقصودة في السفر الطويل، وكذا القصير على المذهب، ولا يجوز في الحضر على الصحيح بل لها فيه حكم الفريضة في كل شيء إلا القيام، وفي وجه شاذ يجوز للراكب في الحضر المتردد في وجهة مقصودة، قال الإصطخري: واختار القفال الجواز بشرط الاستقبال في جميع الصلاة، وحيث جازت النافلة على الراحلة فجميع النوافل سواء على الصحيح الذي عليه الأكثرون وعلى الضعيف لا يجوز صلاة العيد والكسوف والاستسقاء (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي على راحلته أينما توجهت به دابته، وأوتر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الراحلة) .

قال العراقي: متفق عليه من حديث ابن عمر. انتهى .

قلت: وله ألفاظ منها للبخاري عن عامر بن ربيعة: كان يسبح على الراحلة، وله من وجه آخر عن ابن عمر: كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه يومئ برأسه قبل أي وجه توجه ويوتر عليها غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة. وقد روي عن جابر مثله في المتفق، وله ألفاظ منها: كان يصلي على راحلته حيث توجهت به، فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة. هذا لفظ البخاري، ولم يذكر مسلم النزول وقال الشافعي: أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وهو على راحلته النوافل، ورواه ابن خزيمة من حديث محمد بن بكر عن ابن جريج مثل سياقه وزاد ولكن يخفض السجدتين من الركعة يومئ إيماء، ولابن حبان نحوه وأخرج أبو داود من حديث الجارود بن أبي سبرة حدثني أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا سافر وأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة وكبر ثم صلى حيث كان وجهه وركابه، ورواه أيضا ابن السكن وصححه .

(وليس على المتنفل الراكب في الركوع والسجود إلا الإيماء) أي: الإشارة فيهما بالرأس (و) ليس عليه وضع الجبهة على عرف الدابة ولا على قربوس السرج والإكاف بل (ينبغي أن) ينحني و (يجعل سجوده أخفض من ركوعه) قال إمام الحرمين: والفصل بينهما عند التمكن محتوم (و) الظاهر أنه (لا يلزمه الانحناء إلى حد يتعرض به لخطر بسبب الدابة) فلو يبلغ غاية وسعه فيه إلى هذا الحد (فإن كان) الراكب (في مرقد) ونحوه مما يسهل فيه الاستقبال وإتمام الأركان، (فليتم الركوع والسجود) في جميع الصلاة على الأصح، (فإنه قادر عليه) كراكب السفينة، (وأما استقبال القبلة فلا يجب لا في ابتداء الصلاة ولا في دوامها، فليكن في جميع صلاته إما مستقبلا القبلة أو متوجها في صوب الطريق ليكون له جهة يثبت فيها) قال الرافعي: إذا لم يتمكن المتنفل راكبا من إتمام الركوع والسجود والاستقبال في جميع صلاته ففي وجوب الاستقبال عند الإحرام أوجه [ ص: 436 ] إن سهل وجب وإلا فلا، فالسهل أن يكون يمكن انحرافه عليها أو تحريفها أو كانت سائرة وبيده زمامها وهي سهلة، وغير السهل أن تكون صعبة، والثاني: لا يجب أصلا، والثالث: يجب مطلقا فإن تعذر لم تصح صلاته، والرابع: إن كانت الدابة متوجهة إلى القبلة أو إلى طريقه أحرم كما هو وإن كانت إلى غيرها لم يجز الإحرام إلا إلى القبلة، والاعتبار باستقبال الراكب دون الدابة فلو استقبل عند الإحرام لم يشترط عند السلام على الأصح، ولا يشترط فيما سواهما من أركان الصلاة لكن يشترط لزوم جهة المقصد في جميعها إذا لم يستقبل القبلة ويتبع ما يعرض في الطريق من معاطف، ولا يشترط سلوكه في نفس الطريق بل الشرط جهة المقصد، وليس لراكب التعاسيف ترك الاستقبال في شيء من نافلته وهو الهائم الذي يستقبل تارة ويستدير تارة، وليس له مقصد معلوم، فلو كان له مقصد معلوم ولكن لم يسر في طريق معين فله التنفل مستقبلا جهة مقصده .

(فلو حرف دابته عن الطريق) إلى غير القبلة (قصدا بطلت صلاته إلا إذا صرفها إلى القبلة) فإنه لم يضره (ولو حرفها ناسيا) أو غالطا ظن أن الذي توجه إليه طريقه (وقصر الزمان) أي: عاد عن قرب (لم تبطل صلاته، وإن طال ففيه خلاف) الأصح أنها تبطل، (وإن جمحت به الدابة فانحرفت) فإن طال الزمان بطلت على الصحيح كالإمالة قهرا، وإن قصر (لم تبطل صلاته) على المذهب وبه قطع الجمهور؛ (لأن ذلك مما يكثر وقوعه وليس عليه سجود سهو إذا الجماح غير منسوب إليه) وذكر الرافعي في صورة الجماح أوجها: أصحها يسجد، والثاني: لا، والثالث: إن طال سجد وإلا فلا. وهذا تفريع على المشهور أن النفل يدخله سجود السهو (بخلاف ما لو حرف ناسيا فإنه يسجد للسهو بالإيماء) ، وقال في صورة النسيان إن طال الزمان سجد للسهو وإن قصر فوجهان؛ المنصوص لا يسجد .




الخدمات العلمية