ومن أن عنقهما ليس داخلا في تجويف الكبد بل متصل بالعروق الطالعة من حدبة الكبد ومن عجائب حكمة الله تعالى أن عنقهما ليس داخلا في تجويف الكبد بل متصل بالعروق الطالعة من حدبة الكبد حتى يجذب ما يليها بعد الطلوع من العروق الدقيقة التي في الكبد إذ لو اجتذب قبل ذلك لغلظ ، ولم يخرج من العروق فإذا انفصلت منه المائية فقد صار الدم صافيا من الفضلات الثلاث نقيا من كل ما يفسد الغذاء ثم إن الله تعالى أطلع من الكبد عروقا ثم قسمها بعد الطلوع أقساما وشعب كل قسم بشعب ، وانتشر ذلك في البدن كله من الفرق إلى القدم ظاهرا وباطنا ، فيجري الدم الصافي فيها ويصل إلى سائر الأعضاء حتى تصير العروق المنقسمة شعرية : كعروق الأوراق والأشجار بحيث لا تدرك بالأبصار فيصل منها الغذاء بالرشح إلى سائر الأعضاء ولو حلت بالمرارة آفة فلم تجذب الفضلة الصفراوية فسد الدم وحصل منه الأمراض الصفراوية كاليرقان والبثور والحمرة وإن حلت بالطحال آفة فلم يجذب الخلط السوداوي حدثت الأمراض السوداوية كالبهق والجذام والماليخوليا وغيرها وإن لم تندفع المائية نحو الكلى حدث منه الاستسقاء وغيره ثم انظر إلى حكمة الفاطر الحكيم كيف رتب المنافع على هذه الفضلات الثلاث الخسيسة أما المرارة فإنها تجذب بأحد عنقيها ، وتقذف بالعنق الآخر إلى الأمعاء ليحصل له في ثفل الطعام رطوبة مزلقة ، ويحدث في الأمعاء لذع يحركها للدفع فتنضغط حتى يندفع الثفل وينزلق وتكون صفرته لذلك وأما الطحال فإنه يحيل تلك الفضلة إحالة يحصل بها فيه حموضة وقبض ، ثم يرسل منها كل يوم شيئا إلى فم المعدة ، فيحرك الشهوة بحموضته ، وينبهها ويثيرها ويخرج الباقي مع الثفل . وأما الكلية فإنها تغتذي بما في تلك المائية من دم ، وترسل الباقي إلى المثانة . عجائب حكمة الله تعالى