[ ص: 140 ] سورة الكهف
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا ( 1 ) قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ( 2 ) ) .
قوله تعالى : ( قيما ) : فيه وجهان ; أحدهما : هو حال من الكتاب ، وهو مؤخر عن موضعه ; أي أنزل الكتاب قيما ; قالوا : وفيه ضعف ; لأنه يلزم منه التفريق بين بعض الصلة وبعض ; لأن قوله تعالى : ( ولم ) : معطوف على أنزل . وقيل : " قيما " حال ، " ولم يجعل " حال أخرى . والوجه الثاني : أن " قيما " منصوب بفعل محذوف ; تقديره : جعله قيما ; فهو حال أيضا . وقيل : هو حال أيضا من الهاء في " ولم يجعل له " والحال مؤكدة ، وقيل : منتقلة .
قوله تعالى : ( لينذر ) : أي لينذر العباد ، أو لينذركم . ( من لدنه ) : يقرأ بفتح اللام وضم الدال وسكون النون وهي لغة . ويقرأ بفتح اللام وضم الدال وكسر النون . ومنهم من يختلس ضمة الدال ، ومنهم من يختلس كسرة النون .
قال تعالى : ( ماكثين فيه أبدا ( 3 ) ) .
قوله تعالى : ( ماكثين ) : حال من المجرور في " لهم " والعامل فيها الاستقرار . وقيل : هو صفة لأجر ، والعائد : الهاء في " فيه " .
قال تعالى : ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ما لهم به من علم ولا لآبائهم ( 5 ) فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ( 6 ) ) .
قوله تعالى : ( كبرت ) : الجمهور على ضم الباء ، وقد أسكنت تخفيفا .
و ( كلمة ) : تمييز والفاعل مضمر ; أي كبرت مقالتهم .
وفي ( تخرج ) : وجهان ; أحدهما : هو في موضع نصب صفة لكلمة . والثاني : في موضع رفع ; تقديره : كلمة تخرج ; لأن كبر بمعنى بئس ; فالمحذوف هو المخصوص بالذم . و ( كذبا ) : مفعول " يقولون " أو صفة لمصدر محذوف ; أي قولا كذبا . [ ص: 141 ] و ( أسفا ) : مصدر في موضع الحال من الضمير في " باخع " . وقيل : هو مفعول له . والجمهور على " إن لم " بالكسر على الشرط ; ويقرأ بالفتح ; أي لأن لا يؤمنوا .
قال تعالى : ( لنبلوهم أيهم أحسن عملا إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها ( 7 ) ) .
قوله تعالى : ( زينة ) : مفعول ثان على أن " جعل " بمعنى صير ، أو مفعول له ، أو حال على أن " جعل " بمعنى خلق .
قال تعالى : ( أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ( 9 ) إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا ( 10 ) ) .
قوله تعالى : ( أم حسبت ) : تقديره : بل أحسبت . ( والرقيم ) : بمعنى المرقوم ، على قول من جعله كتابا . و " عجبا " خبر كان . و ( من آياتنا ) : حال منه . ويجوز أن يكونا خبرين . ويجوز أن يكون " عجبا " حالا من الضمير في الجار .
قوله تعالى : ( إذ ) : ظرف لـ " عجبا " . ويجوز أن يكون التقدير : اذكر إذ .
قال تعالى : ( فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا ( 11 ) ) .
قوله تعالى : ( سنين ) : ظرف لضربنا ، وهو بمعنى أنمناهم .
و ( عددا ) : صفة لسنين ; أي معدودة ; أو ذوات عدد . وقيل : مصدر ; أي تعد عددا .
قال تعالى : ( ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا ( 12 ) ) قوله تعالى : ( أي الحزبين ) : مبتدأ . و " أحصى " الخبر ، وموضع الجملة نصب بنعلم ، وفي " أحصى " وجهان ; أحدهما : هو فعل ماض ، و " أمدا " مفعوله ، ولما لبثوا : نعت له قدم عليه فصار حالا ، أو مفعولا له ; أي لأجل لبثهم . وقيل : اللام زائدة ، وما بمعنى الذي ، و " أمدا " مفعول لبثوا ، وهو خطأ . وإنما الوجه أن يكون تمييزا ; والتقدير : لما لبثوه . والوجه الثاني : هو اسم ، و " أمدا " منصوب بفعل دل عليه الاسم ; وجاء " أحصى " على حذف الزيادة ، كما جاء : هو أعطى للمال ، وأولى بالخير .
قال تعالى : ( ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ( 14 ) ) .
قوله تعالى ( شططا ) : مفعول به ، أو يكون التقدير : قولا شططا .
قال تعالى : ( لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة ( 15 ) ) .
[ ص: 142 ] قوله تعالى : ( هؤلاء ) : مبتدأ ، و ( قومنا ) عطف بيان ، و " اتخذوا " : الخبر .