الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 1320 ] 1863 - وعن أبي أمامة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا ابن آدم إن تبذل الفضل خير لك ، وإن تمسكه شر لك ، ولا تلام على كفاف ، وابدأ بمن تعول " ، رواه مسلم .

التالي السابق


1863 - ( وعن أبي أمامة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا ابن آدم إن تبذل الفضل ) أي : إنفاق الزيادة على قدر الحاجة والكفاف ، فإن مصدرية مع مدخولها مبتدأ خبره ( خير لك ) أي في الدنيا والأخرى ، وفي التعبير بالفضل دون مطلق المال إشعار بأنه لا ينبغي له أن يضيع المال ، ففي الخبر " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت " ، وقد جاء رجل بمثل البيضة من ذهب فقال : يا رسول الله خذها فهي للصدقة وما أملك غيرها ، فأعرض عنه - عليه السلام - إلى أن أعاد عليه القول ثلاث مرات ، ثم أخذها ورماه بها رمية لو أصابته لأوجعته ، ثم قال : " يأتي أحدكم بما يملك فيقول هذه صدقة ثم يقعد يتكفف وجوه الناس ، خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى " والمراد إما غنى مالي فضلا عما أعطاه ، وإما غنى قلبي متكل على فضل مولاه ، ولهذا لما تصدق أبو بكر بجميع ماله قرره - صلى الله عليه وسلم - لما عرف من كمال حاله ، وأراد عمر ذلك فأمره بإمساك بعض ماله ( وإن تمسكه ) أي : ذلك الفضل وتمنعه ( شر لك ) أي : عند الله وعند الناس ( ولا تلام على كفاف ) بالفتح وهو من الرزق القوت وهو ما كف عن الناس وأغنى عنهم ، والمعنى : لا تذم على حفظه وإمساكه أو على تحصيله وكسبه ، ومفهومه أنك إن حفظت أكثر من ذلك ولم تتصدق بما فضل عنك فأنت مذموم وبخيل وملوم ( وابدأ ) أي : ابتدئ في إعطاء الزائد على قدر الكفاف ( بمن تعول ) أي : بمن تمونه ويلزمك نفقته ( رواه مسلم ) قال ميرك : ورواه الترمذي ، وأخرج البخاري منه قوله " وابدأ بمن تعول " من حديث ابن عمر وغيره .




الخدمات العلمية