الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3276 - وعن عائشة قالت : خيرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاخترنا الله ورسوله فلم يعد ذلك علينا شيئا . متفق عليه .

التالي السابق


3276 - ( وعن عائشة قالت : خيرنا ) : أي : معشر أمهات المؤمنين ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاخترنا الله ورسوله ) : أي : والدار الآخرة عن الحياة الدنيا وزينتها ( فلم يعد ) : أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( ذلك ) : أي : الاختيار ( علينا شيئا ) : أي : من الطلاق لا ثلاثا ولا واحدة ولا بائنة ولا رجعية ، وبه قال أكثر الصحابة ، وذهب إليه أبو حنيفة والشافعي ، وفيه رد لمن قال إن المرأة إذا خيرت فاختارت زوجها تقع طلقة واحدة رجعية ، وبه قال علي وزيد بن ثابت ومالك . قال القاضي : كان علي - رضي الله عنه - يقول : إذا خير الزوج زوجته فاختارت نفسها بانت بواحدة وإن اختارت زوجها طلقت بتخيره إياها طلقة رجعية ، وكان زيد بن ثابت يقول في الصورة الأولى طلقت ثلاثا وفي الثانية واحدة بائنة ، فأنكرت عائشة قولهما بذلك ، وقال المظهر : لو قال الزوج لامرأته اختاري نفسك وإياي ، فقالت : اخترت إياي أو اخترت نفسي ، وقع به طلاق رجعي عند الشافعي ، وطلاق بائن عند أبي حنيفة ، وثلاث تطليقات عند مالك . وقال البغوي في تفسير الآية : اختلف العلماء في هذا الخيار ، هل كان ذلك تفويض الطلاق إليهن حتى يقع بنفس الاختيار أم لا ؟ فمذهب الحسن وقتادة وأكثر أهل العلم أنه لم يكن تفويض الطلاق ، وإنما خيرهن على أنهن إذا اخترن الدنيا فارقهن لقوله ( أمتعكن ) بدليل أنه لم يكن جوابهن على الفور ، فإنه قال لعائشة : " لا تعجلي حتى تستشيري أبويك " ، وفي تفويض الطلاق يكون الجواب على الفور وذهب قوم إلى أنه كان تفويض طلاق لو اخترن أنفسهن كان طلاقا ، اهـ . قال ابن الهمام : المخيرة لها خيار المجلس بإجماع الصحابة وأما التمسك بقوله - صلى الله عليه وسلم - لا تعجلي . . . إلخ ، فضعيف لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن تخييره ذلك هذا التخير المتكلم فيه ، وهو أن توقع نفسها بل على أنها إن اختارت نفسها طلقها ألا ترى إلى قوله - تعالى - في الآية التي هي سبب التخيير منه - صلى الله عليه وسلم - ( إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا ) ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية