[ ص: 315 ] رضوان
صاحب حلب ، الملك رضوان ابن السلطان تتش ابن السلطان ألب أرسلان السلجوقي .
تملك حلب بعد أبيه ، وامتدت أيامه ، وقد خطب له بدمشق عندما قتل أبوه أياما ، ثم استقل بحلب ، وأخذت منه الفرنج أنطاكية .
وكان ذميم السيرة ، قرب الباطنية ، وعمل لهم دار دعوة بحلب ، وكثروا ، وقتل أخويه أبا طالب وبهرام ، ثم هلك في سنة سبع وخمسمائة فتملك بعده أخوه الأخرس ألب أرسلان ، وله ست عشرة سنة ، فقتل أخوين له أيضا ، وقتل رأس الباطنية أبا طاهر الصائغ ، وجماعة من أعيانهم ، وهرب آخرون ، فقتل الأمراء الأخرس بعد سنة ، وملكوا أخاه سلطان شاه .
وكان رضوان يميل إلى المصريين ، فجاء رسول الأفضل أمير الجيوش يدعوه إلى طاعتهم والخطبة له ، والبيعة للمستعلي ، ووعدوه بالنجدة والمال ، فخطب في بلاده للمستعلي ، ولوزيره أمير الجيوش جمعا ، ثم دامت الخطبة عامين بحلب ، ثم أعيدت الدعوة العباسية في أثناء سنة اثنتين وتسعين ، إذ لم ينفعه المصريون بأمر ، وقصدت النصارى أنطاكية ، ونازلوا بيت المقدس سنة اثنتين ، وقتل به سبعون ألف مسلم ، ونقل ابن منقذ ظهور الفرنج في هذا الوقت من بحر قسطنطينية ، وجرت لهم مع طاغية الروم [ ص: 316 ] حروب ، وعجز عنهم ، ثم قالوا : ما نفتحه من بلاد الروم ، فهو لك ، ومهما نفتحه من بلاد الشام ، فهو لنا .
وقيل : كانوا في أربعمائة ألف ، ثم أخذوا بعض بلاد الملك قلج رسلان بالسيف ، فجمع حينئذ عساكره ، والتقاهم في سنة تسعين ، وأشرف على النصر ، ثم كسرته الفرنج ، وقتل من جنده خلق ، وهرب واستغاث بملوك النواحي على ما دهم الإسلام ، فوصلت كتبه إلى حلب مسخمة مشققة فيها بعض شعر النساء ، وانزعج الخلق ، ثم توجهت الفرنج إلى الشام ، فقيل : اعتبروا عدتهم بأنطاكية ، فكانوا أزيد من ثلاثمائة ألف نفس ، فعاثوا وأخربوا البلاد ، وتفرقوا ، وكبسهم المسلمون ، وجرت فتن وحروب لا يعبر عنها ، وأخذت أنطاكية بالسيف سنة إحدى وتسعين ، وقتل صاحبها ، وقتل أيضا من كبار الفرنج عدد كثير ، وكان الأمر إلى كندفري ، ثم إلى أخيه بغدوين وبيمنت ، وابن أخيه طنكل وصنجيل هؤلاء ملوكهم ، ثم جاء المسلمون نجدة لأنطاكية وقد أخذت ، فحاربوا العدو أياما ، وانتصروا ، وهلك خلق من العدو ، وجاعوا ، وجرى غير مصاف .