أبو طالب الكرخي
الإمام الأوحد ، شيخ الشافعية وصاحب الخط المنسوب ، أبو طالب المبارك بن المبارك بن المبارك الكرخي ، صاحب أبي الحسن بن [ ص: 225 ] الخل ، وهو المبارك بن أبي البركات .
ولد سنة نيف وخمسمائة .
وسمع من : هبة الله بن الحصين ، وقاضي المارستان .
حدث عنه : أحمد بن أحمد البندنيجي ، وغيره .
كان ذا جاه وحشمة لكونه أدب أولاد الناصر لدين الله .
قال ابن النجار : شهد عند في سنة ثلاثين وخمسمائة ، ثم درس بمدرسة شيخه قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي ابن الخل بعده ثم ولي النظامية في سنة إحدى وثمانين . وكان إمام وقته في العلم والدين والزهد والورع ، لازم ابن الخل حتى برع في المذهب والخلاف . إلى أن قال : وكان من الورع والزهد والعفة والنزاهة والسمت على طريقة اشتهر بها ، وكان أكتب أهل زمانه لطريقة ابن البواب ، وعليه كتب الظاهر بأمر الله .
[ ص: 226 ] قال : وكان ضنينا بخطه ، حتى إنه كان إذا شهد ، وكتب في فتيا ، كسر القلم ، وكتب به خطا رديا .
قلت : درس ، وأفتى ، ودرس بالنظامية بعد أبي الخير القزويني .
وروى عنه . أبو بكر الحازمي
وعاش نيفا وثمانين سنة .
قال الموفق عبد اللطيف بن يوسف : كان رب علم وعمل وعفاف ونسك ، وكان ناعم العيش ، يقوم على نفسه وبدنه قياما حكيما ، رأيته يلقي الدرس ، فسمعت منه فصاحة رائعة ، ونغمة رائقة ، فقلت : ما أفصح هذا الرجل! فقال شيخنا ابن عبيدة النحوي : كان أبوه عوادا ، وكان هو معي في المكتب ، فضرب بالعود ، وأجاد ، وحذق حتى شهدوا له أنه في طبقة معبد ، ثم أنف ، واشتغل بالخط إلى أن شهد له أنه أكتب من ابن البواب ، ولا سيما في الطومار والثلث ، ثم أنف منه ، واشتغل بالفقه ، فصار كما ترى ، وعلم ولدي الناصر لدين الله وأصلحا مداسه .
قال ابن النجار : توفي في ثامن ذي القعدة سنة خمس وثمانين وخمسمائة وكان قد خرج في عصر هذا اليوم للصلاة بالجماعة بالرباط ، فلما توجه للصلاة ، عرضت له سعلة ، وتتابعت ، فسقط ، وحمل إلى منزله ، فمات في وقته ، وحضره خلق كثير -رحمة الله عليه .