الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        صفحة جزء
                        المثال الثالث : إن الخلفاء الراشدين قضوا بتضمين الصناع

                        إن الخلفاء الراشدين قضوا بتضمين الصناع . قال علي ـ رضي الله عنه ـ : لا يصلح الناس إلا ذاك ، ووجه المصلحة فيه أن الناس لهم حاجة إلى الصناع ، وهم يغيبون عن الأمتعة في غالب الأحوال ، والأغلب عليهم التفريط وترك الحفظ ، فلو لم يثبت تضمينهم مع مسيس الحاجة إلى استعمالهم لأفضى ذلك إلى أحد أمرين : إما ترك الاستصناع بالكلية ، وذلك شاق على الخلق ، وإما أن يعملوا ولا يضمنوا ذلك بدعواهم الهلاك والضياع ، فتضيع الأموال ، ويقل الاحتراز ، وتتطرق الخيانة ، فكانت المصلحة التضمين .

                        هذا معنى قوله : لا يصلح الناس إلا ذاك .

                        ولا يقال : إن هذا نوع من الفساد وهو تضمين البريء . إذ لعله ما أفسد ، ولا فرط ، فالتضمين مع ذلك كان نوعا من الفساد . لأنا نقول : إذا تقابلت المصلحة والمضرة فشأن العقلاء النظر إلى التفاوت ووقع التلف من الصناع من غير تسبب ولا تفريط بعيد ، والغالب الفوت فوت الأموال ، وأنها لا تستند إلى التلف السماوي ، بل ترجع إلى صنع العباد على المباشرة أو التفريط .

                        وفي الحديث :

                        لا ضرر ولا ضرار [ ص: 617 ] تشهد له الأصول من حيث الجملة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى ( عن ) أن يبيع حاضر لباد ، وقال :

                        دع الناس يرزق الله بعضهم من بعض وقال : لا تلقوا الركبان بالبيع حتى يهبط بالسلع ( إلى ) الأسواق وهو من باب ترجيح المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ، فتضمين الصناع من ذلك القبيل .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية