الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو أوصى لرجل بمثل نصيب أحد بنيه وله ثلاثة بنين وأوصى لرجل آخر بثلث ما يبقى من الثلث بعد [ ص: 359 ] النصب فالمسألة تخرج من ثلاثة ، وثلاثين للموصى له بالنصيب ثمانية ، وللموصى له الآخر سهم ، ولكل واحد من البنين ثمانية أما تخريجها بطريقة الحشو فهو أن تأخذ عدد البنين ، وذلك ثلاثة وزد عليه واحدا لأجل الوصية بمثل نصيب أحد البنين ; لأن مثل الشيء يزاد عليه فيصير أربعة ثم اضرب الأربعة في ثلاثة لأجل تنفيذ الوصية الأخرى ، وهي الوصية بثلث ما يبقى من الثلث بعد النصب فيصير اثني عشر ، ثم تطرح منها سهما واحدا ; لأن الوصية الثانية توجب النقصان في نصيب الورثة .

                                                                                                                                ونصيب الموصى له الأول شائعا في كل المال فتنقص من كل ثلث سهما ; ولأنك لو لم تنقص لا يستقيم الحساب لو اعتبرته لوجدته كذلك ، فإذا أنقصت سهما من اثني عشر بقي أحد عشر هو ثلث المال ، وثلثاه ، وهو اثنان وعشرون ، وجميع المال ثلاثة وثلاثون ، وإذا أردت معرفة النصيب فخذ النصيب الذي كان ، وذلك سهم واحد ، واضربه في ثلاثة كما ضربت أصل المال ، وهو ثلاثة ثم اضرب ثلاثة في ثلاثة كما ضربت أصل المال ; لأنك احتجت إلى ضرب أصل المال في ثلاثة مرة أخرى حتى بلغ جميع المال ثلاثة وثلاثين ، فإذا ضربت ثلاثة في ثلاثة صار تسعة ، ثم اطرح منها سهما كما طرحت من أصل المال فيبقى ثمانية فهو نصيب الموصى له بمثل النصيب ، ثم أعط للموصى له نصيبه ، وهو ثلث ما يبقى من الثلث ، وذلك سهم يبقى إلى تمام الثلث سهمان ضمهما ثلثي المال ، وذلك اثنان ، وعشرون فتصير أربعة ، وعشرين لكل واحد من البنين الثلاثة ثمانية فاستقام الحساب بحمد الله سبحانه وتعالى .

                                                                                                                                ( وأما ) تخريجها على طريق الخطأين فهو أن تجعل ثلث المال عددا لو أعطيت منه النصيب ، وهو سهم ، يبقى ، وراءه عدد له ثلث لحاجتك إلى تنفيذ الوصية الأخرى ، وهو الوصية بثلث ما يبقى من الثلث بعد النصيب ، وأقله أربعة فإذا جعلت ثلث المال أربعة أعط للموصى له بالنصيب سهما من أربعة يبقى ثلاثة فأعط للموصى له بثلث ما بقي ثلث ما بقي ، وذلك سهم ، يبقى سهمان ضمهما إلى ثلثي المال ، وذلك ثمانية ; لأن ثلث المال لما كان أربعة كان ثلثاه مثليه ، وذلك ثمانية ، ومتى ضممت اثنين إلى ثمانية صارت عشرة ، وحاجتك إلى ثلاثة أسهم لا غير للبنين الثلاثة ; لأنك قد أعطيت الموصى له بالنصيب سهما ، فظهر أنك قد أخطأت بزيادة سبعة فزد في النصيب ; لأنه ظهر أن هذا الخطأ ما جاء إلا من قبل نقصان النصيب ، فظهر أن النصيب يجب أن يكون أزيد من سهم فزد في النصيب فاجعله سهمين .

                                                                                                                                فيصير الثلث خمسة فأعط الموصى له بمثل النصيب سهمين ، ثم أعط للموصى له الآخر سهما مما بقي ، يبقى سهمان ضمهما إلى ثلثي المال ، وذلك عشرة فتصير اثني عشر ، وحاجتك إلى ستة فظهر أنك أخطأت في هذه الكرة بزيادة ستة أسهم .

                                                                                                                                وكان الخطأ الأول بزيادة سبعة فانتقص بزيادة سهم في النصيب سهم من سهام الخطأ ، فعلمت أنك مهما زدت في النصيب سهما ينتقص من سهام الخطأ سهم ، وأنك تحتاج إلى أن يذهب ما بقي من سهام الخطأ ، والباقي من سهام الخطأ ستة فالذي يذهب به ستة أسهم من الخطأ ستة أسهم من النصيب فزد في النصيب ستة أسهم ، فتصير ثمانية فهذا هو النصيب ، ، وبقي إلى تمام الثلث ثلاثة أعط منها سهما للموصى له الآخر يبقى سهمان ضمهما إلى ثلثي المال ، وذلك اثنان ، وعشرون فتصير أربعة ، وعشرين لكل واحد من البنين ثمانية ، وطريقة الجامع الأصغر ، أو الأكبر ، أو الصغير ، أو الكبير مبنية على هذه الطريقة .

                                                                                                                                أما طريقة الجامع الأصغر أو الصغير : فهي أنه إذا تبين لك أنك أخطأت مرتين ، وأردت معرفة الثلث فاضرب الثلث الأول في الخطأ الثاني ، والثلث الثاني في الخطأ الأول فما اجتمع فاطرح الأقل من الأكثر فما بقي فهو الثلث ، وإن أردت معرفة النصيب فاضرب النصيب الأول في الخطأ الثاني ، واضرب النصيب الثاني في الخطأ الأول ، ثم اطرح الأقل من الأكثر فما بقي فهو النصيب ، وإذا عرفت هذا ففي هذه المسألة الثلث الأول أربعة ، والخطأ الثاني ستة فاضرب أربعة في ستة فتصير أربعة ، وعشرين ، والثلث الثاني خمسة ، والخطأ الأول سبعة فاضرب خمسة في سبعة فتكون خمسة ، وثلاثين ، ثم اطرح أربعة ، وعشرين من خمسة ، وثلاثين فيبقى أحد عشر فهو ثلث المال ، والنصيب الأول سهم ، والخطأ الثاني ستة فاضرب سهما في ستة تكون ستة ، والنصيب الثاني سهمان ، والخطأ الأول سبعة فاضرب سهمين في سبعة فتكون أربعة عشر ، واطرح الأقل ، وهو ستة [ ص: 360 ] من الأكثر ، وهو أربعة عشر فيبقى ثمانية فهو النصيب .

                                                                                                                                ( وأما ) طريقة الجامع الكبير ، أو الأكبر : فهي أنه إذا ظهر لك الخطأ الأول فلا تزد في النصيب ، ولكن ضعف ما وراء النصيب من الثلث ، ثم انظر في الخطأين ، واعمل ما عملت في طريقة الجامع الأصغر ، إذا عرفت هذا ففي هذه المسألة ظهر الخطأ الأول سبعة فضعف ما وراء النصيب من الثلث ، وذلك بأن تزيد عليه مثله فتصير ستة فصار الثلث مع النصيب سبعة فأعط بالنصيب سهما ، وأعط بالوصية الأخرى ثلث الباقي ، وذلك سهمان يبقى أربعة ضم ذلك إلى ثلثي المال ، وذلك أربعة عشر فتصير ثمانية عشر ، وحاجتك إلى ثلاثة فظهر الخطأ بخمسة عشر فإذا أردت معرفة الثلث فخذ الثلث الأول ، وذلك أربعة ، واضربه في الخطأ الثاني ، وذلك خمسة عشر فتصير ستين ، وخذ الثلث الثاني ، وذلك سبعة واضربه في الخطأ الأول ، وذلك سبعة فتصير تسعة ، وأربعين ، ثم اطرح الأقل ، وذلك تسعة ، وأربعون من الأكثر ، وذلك ستون ، يبقى أحد عشر فهو الثلث ، وإن أردت معرفة النصيب فخذ النصيب الأول ، وذلك سهم ، واضربه في الخطأ الثاني ، وذلك خمسة عشر فتكون خمسة عشر ، وخذ النصيب الثاني ، وذلك سهم ، واضربه في الخطأ الأول ، وذلك سبعة ثم اطرح سبعة من خمسة عشر تبقى ثمانية فهو النصيب .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية