الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وإن كانت الوصايا بعضها لله - سبحانه وتعالى وبعضها للعباد ، فإن أوصى لقوم بأعيانهم يتضاربون بوصاياهم في الثلث ، ثم ما أصاب العباد فهو لهم لا يقدم بعضهم على بعض لما نبين ، وما كان لله - تبارك وتعالى - يجمع ذلك فيبدأ منها بالفرائض ، ثم بالواجبات ، ثم بالنوافل ، وإن كان مع الوصايا لله - تبارك وتعالى - وصية لواحد معين من العباد فإنه يضرب بما أوصى له به مع الوصايا بالقرب ، ويجعل كل جهة من جهات القرب مفردة بالضرب ، فإن قال : ثلث مالي في الحج ، والزكاة ، والكفارات ، ولزيد فإن الثلث يقسم على أربعة أسهم : سهم للموصى له ، وسهم للحج ، وسهم للزكاة ، وسهم للكفارات ; لأن كل جهة من هذه الجهات غير الأخرى فتفرد كل جهة بسهم ، كما لو أوصى بثلث ماله لقوم معينين ، فإن قيل : جهات القرب ، وإن اختلفت فالمقصود منها كلها واحد ، وهو طلب مرضات الله - تبارك وتعالى - وابتغاء وجهه الكريم فينبغي أن يضرب للموصى له بسهم ، والقرب بسهم .

                                                                                                                                فالجواب : أن المقصود من الكل ، وإن كان واحدا ، وهو ابتغاء وجه الله - عز وجل - وطلب مرضاته لكن الجهة منصوص عليها فيجب اعتبارها كما لو أوصى بثلث ماله للفقراء ، والمساكين ، وأبناء السبيل ، إن كان كل واحد منهم يضرب بسهمه ، وإن [ ص: 373 ] كان المقصود من الكل التقرب إلى الله - سبحانه وتعالى - لكن لما كانت الجهة منصوصا عليها اعتبر المنصوص عليه كذا ههنا هذا ; إذ كانت الوصايا كلها لله - تبارك وتعالى - أو بعضها لله - تبارك وتعالى - وبعضها للعباد .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية