الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 26 ]

699 . واعقد للاملا مجلسا فذاك من أرفع الاسماع والاخذ ثم إن      700 . تكثر جموع فاتخذ مستمليا
محصلا ذا يقظة مستويا      701 . بعال أو فقائما يتبع ما
يسمعه مبلغا أو مفهما

التالي السابق


يستحب للمحدث العارف أن يعقد مجلسا لإملاء الحديث ، فإنه من أعلى مراتب الإسماع ، والتحمل . فإن كثر الجمع فليتخذ مستمليا يبلغ عنه . فقد فعل ذلك مالك ، وشعبة ، ووكيع ، وأبو عاصم ، ويزيد بن هارون ، في عدد كثير من الحفاظ ، والمحدثين وقد روينا في سنن أبي داود والنسائي من حديث رافع بن عمرو ، قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يخطب الناس بمنى ، حيث ارتفع الضحى على بغلة شهباء ، وعلي - رضي الله عنه - يعبر عنه . فإن تكاثر الجمع بحيث لا يكفي بمستمل واحد اتخذ مستمليين فأكثر . فقد روينا أن أبا مسلم الكجي ، أملى في رحبة غسان . وكان في مجلسه سبعة مستملين ، يبلغ كل واحد صاحبه الذي يليه ، وكتب الناس عنه قياما بأيديهم المحابر ، ثم مسحت الرحبة ، وحسب من حضر بمحبرة فبلغ ذلك نيفا وأربعين ألف محبرة سوى النظارة . وروينا أن مجلس عاصم بن علي كان [ ص: 27 ] يحزر بأكثر من مائة ألف إنسان ، وكان يستملي عليه هارون الديك وهارون مكحلة .

وليكن المستملي محصلا متيقظا فهما ، لا كمستملي يزيد بن هارون حيث سئل يزيد عن حديث فقال : حدثنا به عدة ، فصاح المستملي : يا أبا خالد (1) عدة ابن من ؟ فقال له : عدة ابن فقدتك! وليكن المستملي على موضع مرتفع من كرسي ، أو نحوه وإلا فقائما على قدميه ، ليكون أبلغ للسامعين ، وعلى المستملي أن يتبع لفظ المملي فيؤديه على وجهه من غير تغيير ، وقال الخطيب : "يستحب له أن لا يخالف لفظه" . وقال ابن الصلاح : عليه ذلك كما تقدم . وفائدته إبلاغ من لم يبلغه لفظ المملي ، وإفهام من بلغه على بعد ، ولم يتفهمه . فيتوصل بصوت المستملي إلى تفهمه وتحققه . وقد تقدم الكلام فيمن لم يسمع إلا لفظ المستملي ، هل له أن يرويه عن المملي ، أو ليس له إلا أن يرويه عن المستملي عنه ؟ !




الخدمات العلمية