الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإقعاؤه ) كالكلب للنهي

التالي السابق


( قوله وإقعاؤه إلخ ) قال في النهر : لنهيه صلى الله عليه وسلم عن إقعاء الكلب وفسره الطحاوي : بأن يقعد على أليتيه وينصب فخذيه ويضم ركبتيه إلى صدره واضعا يديه على الأرض والكرخي : بأن ينصب قدميه ويقعد على عقبيه ويضع يديه على الأرض . والأصح الذي عليه العامة هو الأول : أي كون هذا هو المراد بالحديث لا أن ما قاله الكرخي غير مكروه ; وكذا في الفتح . قال في البحر : وينبغي أن تكون الكراهة تحريمية على الأول تنزيهية على الثاني .

أقول : إنما كانت تنزيهية على الثاني بناء على أن هذا الفعل ليس بإقعاء ، وإنما الكراهة بترك الجلسة المسنونة كما علل به في البدائع ، ولو فسر الإقعاء بقول الكرخي تعاكست الأحكام ا هـ كلام النهر . والحاصل أن الإقعاء مكروه لشيئين : للنهي عنه ولأن فيه ترك الجلسة المسنونة ، فإن فسر بما قاله الطحاوي وهو الأصح كان مكروها تحريما لوجود النهي عنه بخصوصه ; وكان بالمعنى الذي قاله الكرخي مكروها تنزيها لترك الجلسة المسنونة لا تحريما لعدم النهي عنه بخصوصه ، وإن فسر بما قاله الكرخي انعكس الحكم المذكور .

قلت : وفي المغرب بعد ما فسره بما مر عن الطحاوي قال : وتفسير الفقهاء أن يضع أليتيه على عقبيه بين السجدتين وهو عقب الشيطان ا هـ وعزاه في البدائع إلى الكرخي وقال : وهو عقب الشيطان الذي نهى عنه في الحديث ا هـ أي فيما أخرجه مسلم عن عائشة { أنه كان ينهى عن عقب الشيطان ، وأن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع } وفي رواية { عن عقبة الشيطان } ، بضم فسكون ، وهو مكروه أيضا كما في الحلية وغيرها . وقال العلامة قاسم في فتاواه : وأما نصب القدمين والجلوس على العقبين فمكروه في جميع الجلسات بلا خلاف نعرفه إلا ما ذكره [ ص: 644 ] النووي عن الشافعي في قول له إنه يستحب بين السجدتين




الخدمات العلمية