الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ووجه الاستدلال به ، أن طلاق الحامل ليس ببدعة في زمن الدم وغيره إجماعا ، فلو كانت تحيض لكان طلاقها فيه ، وفي طهرها بعد المسيس بدعة عملا بعموم الخبر ، قالوا : وروى مسلم في ( صحيحه ) من حديث ابن عمر أيضا : ( مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا ) ، وهذا يدل على أن ما تراه من الدم لا يكون حيضا ، فإنه جعل الطلاق في وقته نظير الطلاق في وقت الطهر سواء .

فلو كان ما تراه من الدم حيضا ، لكان لها حالان ، حال طهر ، وحال حيض ، ولم يجز طلاقها في حال حيضها ، فإنه يكون بدعة قالوا : وقد روى أحمد في ( مسنده ) من حديث رويفع ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لا يحل لأحد أن يسقي ماءه زرع غيره ، ولا يقع على أمة حتى تحيض أو يتبين حملها )

فجعل وجود الحيض علما على براءة الرحم من الحمل . قالوا : وقد روي عن علي أنه قال : ( إن الله رفع الحيض عن الحبلى ، وجعل الدم مما تغيض الأرحام ) .

وقال ابن عباس - رضي الله عنه - : ( إن الله رفع الحيض عن الحبلى ، وجعل الدم رزقا للولد ) . رواهما أبو حفص بن شاهين .

[ ص: 651 ] قالوا : وروى الأثرم ، والدارقطني بإسنادهما ، ( عن عائشة - رضي الله عنها - في الحامل ترى الدم ، فقالت : الحامل لا تحيض ، وتغتسل ، وتصلي . )

وقولها : وتغتسل ، بطريق الندب لكونها مستحاضة ، قالوا : ولا يعرف عن غيرهم خلافهم ، لكن عائشة قد ثبت عنها أنها قالت : الحامل لا تصلي . وهذا محمول على ما تراه قريبا من الولادة باليومين ونحوهما ، وأنه نفاس جمعا بين قوليها ، قالوا : ولأنه دم لا تنقضي به العدة ، فلم يكن حيضا كالاستحاضة .

وحديث عائشة - رضي الله عنها - يدل على أن الحائض قد تحبل ، ونحن نقول بذلك ، لكنه يقطع حيضها ويرفعه . قالوا : ولأن الله سبحانه أجرى العادة بانقلاب دم الطمث لبنا غذاء للولد ، فالخارج وقت الحمل يكون غيره فهو دم فساد .

التالي السابق


الخدمات العلمية