الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كنت متحمسة للهجرة ولكني بعدها أصبت باكتئاب وخمول، فهل هذا بسبب القلق؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا سيدة متزوجة وليس لدي أطفال، أعاني من القولون العصبي، ولكن لا آخذ أي علاج، بدأت حالة الخوف المفاجئ لدي منذ سنة، وخاصة وقت السفر، وتأتيني هذه الحالة عندما أكون في المطار ثم تزول، وعندما أصل إلى البلد أشعر بألم في المعدة، وتزول بمجرد أن آكل، رغم أني لم أمر بمثل هذه الحالة من قبل في سفري.

ومنذ أسبوع أصبت بنزلة برد وكحة، فشعرت بحالة من القلق مرة أخرى، على الرغم أن هذه المرة أنا مقبلة على الهجرة مع زوجي إلى أمريكا، رغم حماسي في البداية، وقد وضعت كل المخططات إلا أنني الآن أشعر بضيق وخمول كامل في جسدي، وليس لدي رغبة في السفر، وتراودني أفكار ليس لها أساس، ويملأ فكري الخوف من أن أصاب باكتئاب، أو أن تراودني حالة القلق مرة أخرى في أي مكان.

لا أعرف هل هذا له علاقة بنزلة البرد والخمول المصاحب له، أو أنه مجرد قلق نفسي؟

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حميدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هذه مخاوف ونوع من القلق، وقلقك هو نوع من القلق الافتراضي، فأنت الآن منزعجة تمامًا للسفر لأمريكا مع زوجك الكريم، بالرغم من حماستك لهذا الموضوع في بداية الأمر، لكن بعد ذلك أصبحت تأتيك هذه الأفكار المشوَّهة حول الإصابة بمرض الاكتئاب، ومآلات السفر والإقامة هناك.

لا، هذه كلها أفكار قلقية وسواسية افتراضية سخيفة، الأمور طيبة، وإن شاء الله تعالى ستعيشين حياة طيبة جدًّا مع زوجك في أمريكا، ووضعك للمخططات الآنية والمستقبلية هو أمر مطلوب، فلا تترددي في هذا السياق أبدًا.

إصابتك بالقولون العصبي تدل على أنك لديك القابلية أصلاً لشيء من القلق والتوتر، هذا القلق والتوتر يمكن أن يحوّل إلى قلق إيجابي، وذلك من خلال حسن إدارة الوقت، وترتيب الأمور بصورة أفضل، وممارسة الرياضة، تمارين الاسترخاء، التفكير الإيجابي، كل ذلك مطلوب.

من الأشياء المهمة جدًّا هي ألا تترددي على الأطباء كثيرًا، والحمد لله تعالى أنه ليس لديك هذا المنهج، لكن دائمًا أخاف أن الذين يُصابون بالقلق والتوترات أو المخاوف قد يُكثرون من التردد على الأطباء.

بالنسبة لموضوع نزلة البرد: دراسات كثيرة جدًّا أشارت أن الإصابات الفيروسية –أيًّا كان نوعها– ربما تعقبها نوبات من الخمول والاكتئاب، وبما أن المسبب الرئيسي لنزلات البرد هي الفيروسات؛ فلا أستبعد أبدًا –أيتها الفاضلة الكريمة– أن نزلة البرد قد ساهمت كثيرًا في أعراضك، ولا أستطيع أن أقول أنها السبب الوحيد، ربما يكون لديك أسباب مهيأة ومرسِّبة، بمعنى أنه لديك أصلاً الاستعداد للقلق وللتوتر وللمخاوف، وبعد ذلك أتى موضوع السفر لأمريكا، حتى وإن كان حدثًا طيبًا، إلا أنه لم تكن لك السِّعَةَ النفسية الكاملة لاستيعاب مثل هذا الحدث، مما سبب لك شيئًا من القلق والتوتر والقلق الافتراضي كما ذكرت لك.

إذًا نستطيع أن نقول أن الأسباب متعددة لكنها كلها بسيطة -إن شاء الله تعالى-، وقطعًا أنت محتاجة لعلاج دوائي بسيط، وأنا أفضل أن تذهبي وتقابلي أحد الأطباء، عقار مثل (سبرالكس)، ويسمى علميًا باسم (إستالوبرام) بجرعة صغيرة، مثل أن تبدئي بخمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوع، ثم تجعليها عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام بمعدل يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين أيضًا، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

أعتقد أن ذلك سيفيدك كثيرًا.

وأريد أن أنصحك نصيحة خاصة حول أهمية التمارين الرياضية:
الشعور بالخمول، وافتقاد الطاقات النفسية والجسدية، وسرعة الإجهاد، من أفضل وسائل علاجها هي الرياضة، فاحرصي على ذلك -أيتها الفاضلة الكريمة-.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً